ستظل كلمات القذافي، والهذيان الذى يطلقه بين الحين والآخر مثار وقفات
ساخرة تارة، كوميدية تارة أخرى، بل ودرامية مؤسفة على شعب عربى نبيل كل ما
أقترفه أنه وثق برئيس وأسلم له القيادة وهتف باسمه كثيرا ووضعه فى
مصاف الملوك مثله مثل بقية إخوانه من الشعوب العربية التى انتفضت أخيرا
وأفاقت إلى إعلان كلمتها وحطمت جدار الصمت والخوف والهلع مطالبة بحرية ظلت
تسمع عنها عند شعوب غيرها وتمنت لحظات أن تنالها وعانت من ظلم بين
وافتراءات نالت العرض والمال والحياة ناهيك عن الحرية.
ونعود إلى وقفات على ما يطلقه القذافى من كلام ومشاهد تستدعى التشبيه
بوقفات مماثلة رأيناها من قبل عبر مسرحية أو فيلم أو قرأنا عنها فى قصة
خيالية وهكذا.
ولعل الفيلم الكبير للمخرج والفنان الكبير يوسف شاهين والذى تم إنتاجه منذ
أكثر من خمسين عاما وهو فيلم "باب الحديد" خاصة المشهد الأخير من الفيلم
حيث كان يوسف شاهين له دور رئيسى فى الفيلم يؤدى دور بائع الجرائد المريض
نفسيا والمتعلق والعاشق لهنومه (هند رستم) والتى كانت بدورها متعلقة ببطل
الفيلم (فريد شوقى)، وتتالت الأحداث حتى فاجأ (يوسف شاهين) المشاهدين وقد
أخذ بسكين يريد قتل هنومه، وشعر الجميع بالخطر فما كان من الممثل القدير
(حسن البارودى) الذى كان دائم العطف على الشخصية التى يمثلها (يوسف شاهين)
وقد تقدم إليه ومن ورائه فريق من مستشفى المجانين أرادوا القبض على المجنون
والمريض نفسيا وفى ايديهم قميص المجانين!!
تقدم الفنان (حسن البارودى) (والذى يمثل فى هذه الحالة طرفا من الشعب
الليبى المقاوم الآن) يتقدم نحو المريض الذى يظل ممسكا بسكين قابضا على
هنومه (لتكن هنومه هنا رمزا لطرف من الشعب الليبى المستضعف والذى يحكمه
الآن القذافى) وهكذا رويدا رويدا.
يقوم فيحدثه قائلا: إنه سيقوم بتزويجه هنومه، وسوف يعد له فرحا هائلا!!
وباختصار دقيق لهذا المشهد الدرامى الرائع، يمكنا بسلاسة تطبيقه من رؤية
وزاوية بعينها، ثم لك أن تتخيل عزيزى القارئ، سيناريو المشهد خاصة إن كنت
رأيت هذا الفيلم من قبل فإذا راجعت كلمة القذافى الأخيرة حيث قال:
«أنا معمر القذافى.. أموت من أجل شعبى، وهو يموت من أجلى» كالتالى:
يستطرد (حسن البارودى) (طرف الشعب الليبى المقاوم) فى الحديث اليه قائلا :
أنت معمر القذافى إحنا بنحبك، نموت من أجلك، مما يدفع بالقذافى إلى الضحك
بهستيريا كأنه انتصر على الثوار بالفعل!! ويرفع من ثم قبضتيه كعادته مع كل
خطاب واهما تحية الجماهير له فى هذه الحالة يقوم فريق المستشفى (قوة
الثوار) بإلباسه القميص!! وقد ترك سكينه من يده بينما هو لازال مستغرقا فى
خياله الجامح كأن شيئا لم يحدث ثم يضعه الثوار فى مكانه المناسب سواء أكان
السجن أو الاعتقال أو يلقوه فى قبره غير مأسوف عليه، مما يستحق معه هذا
الشعب الطيب كامل حريته.