2011/11/23 الساعة 21:09 بتوقيت مكّة المكرّمة
القاهرة 23 نوفمبر تشرين الثاني (رويترز) - قال شهود عيان ونشطاء إن
الاشتباكات تجددت قرب ميدان التحرير في وسط القاهرة اليوم الأربعاء بين
المحتجين الذين يعتصمون في الميدان منذ عدة أيام وقوات الأمن.
وقتل محتج في مدينة مرسى مطروح في أقصى غرب البلاد اليوم في اشتباكات مع
قوات الأمن ليرتفع عدد القتلى منذ بدية الاشتباكات يوم السبت إلى 38 طبقا
لإحصاء رويترز.
وقال شاهد إن سيارات إسعاف هرعت إلى خط المواجهة في شارع محمد محمود الذي
يؤدي من ميدان التحرير الى منطقة قريبة من وزارة الداخلية لنقل النشطاء
المصابين إلى عيادات مؤقتة في الميدان.
وفي وقت سابق اليوم قال ضابط جيش لرويترز إن قوات الأمن انسحبت إلى داخل
مبنى وزارة الداخلية القريب من خط المواجهة وإن قوات من الجيش انتشرت بدلا
منها حول المبنى لتأمينه لكن النشطاء قالوا إن قوات الأمن لا تزال ترابط
خلف قوات الجيش حول مبنى الوزارة.
وفي السابق كانت قوات الجيش التي تقوم بتأمين المبنى تقف خلف قوات الأمن.
وقال الشيخ عبد الرحمن أبو الفتوح الذي يعمل إمام مسجد وكان من بين من
شاركوا اليوم في عقد اتفاق هدنة "بعد أذان المغرب دعا المشايخ (أئمة مساجد)
عددا من المتظاهرين في شارع محمد محمود لأداء صلاة المغرب دليلا على حسن
النية وقبول الهدنة."
وأضاف "ونحن نصلي صرخ مجموعة من الشباب كانوا يقفون على سور مبنى (للمراقبة) قائلين إن الشرطة تضرب محتجين في شارع آخر."
وأضاف أبو الفتوح "بالفعل سمعت صوت إطلاق نار. فوجئت بعشرات المتظاهرين
يأتون من خلفنا ويلقون الحجارة على قوات الأمن التي كانت تقف على مسافة خلف
قوات الجيش."
وتابع "تم إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بغزارة. سقطت عمامتي على الأرض
ولم أشعر إلا ومجموعة من الشباب بارك الله فيهم أخذوني إلى المستشفى
(الميداني) وتم إسعافي."
وقال الناشط هيثم محمد "كنا نقف بينما مجموعة من الشباب تكنس الشارع
ومجموعة أخرى تقيم حواجز وطوقا أمنيا لمنع تقدم قوات الأمن في شارع محمد
محمود وأثناء صلاة الأئمة وبعض المتظاهرين سمعنا صوت إطلاق نار وقنابل غاز
مسيل للدموع."
وأضاف "نقلت 25 مصابا على دراجتي النارية إلى العيادات (الميدانية) حتى أصبت ونقلني زملائي إلى هذه العيادة."
ولأيام اشتبكت قوات الأمن بشكل متكرر مع المحتجين صدا لمحاولتهم الوصول
إلى مبنى وزارة الداخلية. لكن هناك محتجين آخرين يقولون إنهم اشتبكوا مع
قوات الأمن في أكثر من شارع يؤدي إلى مبنى وزارة الداخلية منعا لقوات الأمن
من معاودة اقتحام الميدان.
وفي اقتحام للميدان شاركت فيه قوات الجيش يوم الأحد قتل عدد من المحتجين
وأصيب عدد آخر وأحرقت القوات خيام المعتصمين والأشياء التي تركوها وراءهم
بما في ذلك دراجة نارية واحدة على الأقل لكن المحتجين عادوا للميدان بعد
انسحاب القوات في غضون نصف ساعة من الاقتحام.
وقفز عدد قتلى أعمال العنف التي بدأت يوم السبت إلى 38 طبقا لإحصاء رويترز
بعد مقتل رجل في مدينة الإسكندرية الساحلية أمس الثلاثاء ورجل في مدينة
مطروح في أقصى غرب البلاد اليوم.
وقال مسؤول صحي في المدينة إن محمد منصور محمد العليمى (21 عاما) قتل بطلق نارى فى البطن.
وأضاف أن عشرة محتجين أصيبوا باختناق جراء إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.
وقتل أكثر من محتج في أكثر من محافظة في اشتباكات مع قوات الأمن بعد اندلاع العنف في القاهرة.
وقبل تجدد الاشتباكات قال ضابط في الجيش إن قوات من الجيش انتشرت اليوم حول مبنى وزارة الداخلية بديلا لقوات الأمن.
وأضاف الضابط أن قوات الأمن انسحبت إلى داخل الوزارة.
وكان المحتجون عبروا عن استيائهم من اتفاق توصل إليه المجلس الأعلى للقوات
المسلحة الذي يدير شؤون البلاد أمس مع أحزاب أغلبها إسلامية للإسراع بنقل
الى السلطة إلى المدنيين.
واشتبك المحتجون في ميدان التحرير مع قوات الأمن الليلة الماضية. كما اشتبك محتجون مع قوات الأمن في مدن أخرى.
وذكرت وزارة الصحة أن 32 شخصا قتلوا وأصيب ألفان في اضطرابات بأنحاء البلاد البالغ عدد سكانها 80 مليون نسمة.
وامس وعد المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي
يدير شؤون مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير شباط
بانتخاب رئيس مدني في يونيو حزيران قبل الموعد الذي خطط له الجيش بستة أشهر
على الأقل.
وردت الحشود في ميدان التحرير بعد إذاعة بيانه على شاشة التلفزيون يالهتاف "ارحل.. ارحل" و"الشعب يريد إسقاط المشير".
وكان الجيش تعهد في البداية بالعودة الى ثكناته في غضون ستة أشهر من رحيل
مبارك. لكن إحجامه فيما يبدو عن التنازل عن السلطة أجج مشاعر الغضب بين
المصريين الذين يخشون من ألا تغير ثورتهم التي اندلعت يوم 25 يناير شيئا.
وعدل طنطاوي الذي كان وزيرا للدفاع في عهد مبارك طوال 20 عاما الجدول
الزمني بعد أن التقى قادة في الجيش بالقوى السياسية ومن بينهم قادة في
جماعة الإخوان المسلمين التي لم تعد محظورة والحريصة الآن على تحويل الجهود
التي بذلتها طوال عقود إلى مكاسب انتخابية.
وأعلن طنطاوي أن الانتخابات البرلمانية التي توصف بأنها أول انتخابات حرة تشهدها مصر منذ عقود ستبدأ يوم الاثنين كما هو مقرر.
ولن تكتمل انتخابات مجلسي الشعب والشورى إلا في مارس آذار في إطار عملية
معقدة. ويختار البرلمان بعد ذلك جمعية تأسيسية تضع الدستور الجديد وهي
عملية تحرص جماعة الاخوان ومنافسوها على التأثير عليها.
وأغضب طنطاوي الكثيرين من المتظاهرين الشبان في ميدان التحرير بالقاهرة
ومدن أخرى حين اقترح إجراء استفتاء على ما إذا كان يجب إنهاء الحكم العسكري
فورا وهو ما اعتبروه حيلة لاستقطاب الكثير من المصريين الذين يخشون المزيد
من الاضطرابات.
وأجري استفتاء على تعديلات دستورية أدخلها الجيش حظيت بنسبة تأييد 77 في
المئة في مارس آذار حين كان قادة الجيش يتمتعون بشعبية أوسع نطاقا للمساعدة
التي قدموها للإطاحة بمبارك.
وقال محمد رشيد (62 عاما) وهو بائع في متجر للمجوهرات بالقاهرة "يجب أن
ننتظر ونصبر على حكم الجيش. يجب ألا نجري استفتاء هذا مضيعة للوقت."
وأضاف "اذا أنصتنا اليهم جميعا سنصبح مثل لبنان."
وتتفجر الاشتباكات بين المحتجين الذين يقذفون الحجارة وشرطة مكافحة الشغب
التي تطلق الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش والرصاص المطاطي من حين لآخر
قرب وزارة الداخلية على مقربة من التحرير.
وقال طارق زكي (32 عاما) وهو صانع أثاث "بمجرد بزوغ الفجر بدأوا إطلاق الرصاص لأنهم كانوا يستطيعون رؤيتنا."
وتنفي الشرطة استخدام الذخيرة الحية لكن مسعفين يقولون إن معظم القتلى
وعددهم 36 خلال أعمال العنف المستمرة منذ خمسة ايام أصيبوا بأعيرة نارية.
وتناثرت في الشوارع كمامات الجراحة التي يستخدمها المحتجون لمواجهة الغاز المسيل للدموع.
في التحرير حيث اعتصم مئات المحتجين اثناء الليل في خيام او في العراء جمع
الناس القمامة في أكوام صغيرة أو احرقوها لطرد الغاز امسيل للدموع إلى
أعلى بعيدا عن أنوفهم. ووزع آخرون الطعام.
وقال عبد الله جلال (28 عاما) وهو مدير مبيعات بشركة كمبيوتر "سنبقى هنا الى أن يرحل المشير ويتولى الحكم مجلس انتقالي من الشعب."
وأضاف "هناك الكثير من الفيروسات في النظام. يجب تنظيفه تماما... نحتاج إلى تغيير النظام مثلما حدث في تونس وليبيا."
وربما اعتمدت حسابات طنطاوي على أن معظم المصريين يشعرون بالقلق من
الاضطرابات التي اضرت بالاقتصاد الذي يعاني من مشاكل كبيرة بالفعل وبالتالي
سيفضلون الحكم العسكري على الارتباك الذي تسببه تغييرات جذرية.
ويبدو أن جماعة الإخوان المسلمين التي ساعدت في تنظيم احتجاج كبير يوم
الجمعة لكنها لم تشارك في المظاهرات التي تبعت ذلك مستعدة لتسوية مع الجيش
لصالح ضمان وضع قوي لها في البرلمان الجديد.
كما شاركت احزاب اسلامية وليبرالية اخرى فضلا عن ثلاثة مرشحين محتملين للرئاسة في محادثات الأزمة التي جرت أمس مع المجلس العسكري.
وأفلت الجيش حتى الآن من الانتقادات العلنية المباشرة من حكومات العالم
وكرر كثيرون موقف الولايات المتحدة التي أسفت لأعمال العنف ودعت إلى المضي
قدما في إجراء الانتخابات.
لكن منظمة هيومان رايتس ووتش قالت أمس إن على الجيش أن "يصدر أوامره فورا
لشرطة مكافحة الشغب لوقف استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين." كما اتهمت
منظمة العفو الدولية الجيش بالوحشية التي تتجاوز في بعض الأحيان ما كان
يحدث في عهد مبارك.
ووعد طنطاوي بحكومة إنقاذ وطني تحل محل حكومة رئيس مجلس الوزراء عصام شرف
التي قدمت استقالتها هذا الأسبوع لكنها تتولى تسيير الأعمال.
(شارك في التغطية سعد حسين وباتريك وير في القاهرة وهيثم فتحي في الإسكندرية)