2011/11/25 الساعة 19:15 بتوقيت مكّة المكرّمة
شكا
الأطباء والمصابون في ميدان التحرير بالقاهرة من أن قوات الأمن عمدت في
المواجهات الأخيرة إلى استخدام أنواع جديدة من الغاز المسيل للدموع ، بدليل
الأعراض الحادة والخطيرة التي نجمت عن استنشاق تلك الغازات.
وقال
طبيب شاب متطوع في المستشفى الميداني المقام على حافة الميدان إنه شاهد
مصابين يعانون من تشنجات عصبية ونوبات صرع إثر استنشاق تلك الغازات، بينما
قال اطباء آخرون إن المصابين يعانون من سعال دموي يعقبه إغماء عميق مهدد
للحياة.
مثل تلك البلاغات دفعت للإعتقاد بأن قوات الأمن المصرية تستخدم أنواعا جديدة بالغة القوة من الغازات المسيلة للدموع.
العنصر
الفعال في معظم انواع الغازات المسيلة للدموع هو مادة تسمى "سي إس"، إذ أن
احتراق تلك المادة هو المسبب لانطلاق الغاز الذي يعد من انجع وأسرع
الوسائل في تفريق المتظاهرين ومكافحة الشغب .
وتعتمد قوة الغاز المسيل للدموع على تركيز المادة الفعالة في العبوة المستخدمة.
فهناك
نسخة بدائية هي "سي إن" وهي قوية وغير محسوبة العواقب بدرجة كبيرة ، وهي
سابقة في إنتاجها على النسخة الشائعة الآن وهي "سي إس".
ثم هناك
نسخة "سي آر" وهي المعروفة بأنها الأشرس بين أنواع الغاز المسيل للدموع ،
وتزيد قوتها ست مرات عن قوة "سي إس" ، وهي نادرة الإستخدام ومحرمة دوليا
لآثارها البعيدة المدى فضلا عن أنها تسبب السرطان. والواقع أنها لم تستخدم
إلا في الحالات التي اتسم فيها الصراع بالكراهية بين الأطراف وليس مجرد
الإختلاف. وسجل استخدام تلك المادة في الكونغو والصراعات الدامية في غرب
افريقيا.
ماهي أعراض استنشاق الغاز المسيل للدموع؟
أبرزالأعراض الشعور بحرقان شديد في العينين نتيجة تهيج الأغشية
المحيطة بهما مع احمرار بياض العينين وجفافهما، مما يهيج الخلايا الدمعية
ويدفعها إلى إفراز الدموع بغزارة شديدة.
هناك كذلك ضيق في التنفس وحكة شديدة في الجلد خاصة حول العينين والأذنين والانف والفم .
وتزداد
الأعراض شراسة إذا كان الاستنشاق في حيز ضيق أو مغلق، كما تزيد شراسة
الغاز إذا حدث الإستنشاق اثناء احتراق العبوة وليس قبل أن تهدأ.
ومن
النادر أن تحدث وفاة نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع ، ولكن من الممكن
أن يموت المصاب إذا كان هناك عائق يمنع تنفسه بحرية بعد استنشاق الغاز، مثل
احتباس المتظاهرين المقبوض عليهم في زنازين سيئة التهوية.
ويقول جو
لين مراسل بي بي سي في القاهرة إنه لم يتوفر حتى الآن دليل قاطع على أن
قوات الأمن المصرية قد استخدمت أي نوع آخر من الغاز غير النسخة "سي إس"
المخففة من الغاز المسيل للدموع، ولم يقدم أي من المصابين والصحفيين الذي
جمعوا عبوات الغاز اي عبوة من التركيزات الأكثر خطورة وهي سي آر ، سي إن.
مالسر إذن في شراسة الأعراض التي شكا منها المصريون عند تعرضهم للغاز في الاحتجاجات الأخيرة؟.
الخبراء
يتفقون على أنه إلى جانب الأعراض المشار إليها سابقا فإن التعرض لسحابات
كثيفة من الغاز حتى بتركيزه الأقل "سي إس" قد يسبب أعراضا إضافية مفزعة مثل
القئ والإغماء.
وتبدأ الأعراض عادة بعد ما يتراوح بين 20 و 30
ثانية من الإستنشاق ، ولكنها تزول بالكامل بعد عشر دقائق من الهرب إلى مكان
مفتوح جيد التهوية.
غير أن الخطورة تكمن في استنشاق الغازات لمرات
عديدة في مكان محدود ، وهو ما حدث في شارع محمد محمود المؤدي لوزارة
الداخلية في القاهرة ، لذلك كان تأثير الغاز عنيفا وشكا المصابون من أعراض
بدت لهم غير معتادة.
كما أن المجهود البدني المصاحب لاستنشاق الغاز
المسيل للدموع أو اللاحق عليه مثل الجري أو العدو يسهم في زيادة ضربات
القلب واحتياج الجسم إلى كمية أكبر من الأوكسجين ، بينما مايدخل الرئتين في
تلك الحالة هو الغاز المسيل للدموع ، مما يكون له أسوأ الأثر في إجهاد
المصاب وإصابته بالسعال الحاد وهو يحاول طرد الغاز من رئتيه وإدخال
الأوكسين بدلا منه.
وهذا السعال الجاف عادة ما يكون مصحوبا ببعض
الدماء نظرا لانفجار بعض الشعيرات الدموية الدقيقة في القصبة الهوائية،
ويكون منظر الدم الخارج مع السعال مفزعا وكافيا لتحطيم معنويات المصاب
ودفعه إلى التراجع.
وهناك أيضا خطر التعرض للعبوة الغازية نفسها
اثناء إلقائها. فالمعروف أن عبوات الغاز تعمل بنفس اسلوب القنابل اليدوية،
من حيث وجود زناد يجذب فيؤدي لإشعال فتيل بادئ ، وبدوره يشعل الفتيل عبوة
حارقة تشعل المادة الحاملة للغاز وتطلقه في الهواء لحظة قذف العبوة باليد ،
وهناك أنواع من العبوات المجهزة كي تطلق لمسافات بعيدة باستخدام البنادق
العادية.
ولكن هل الغاز المسيل للدموع قانوني؟.
استخدام الغاز المسيل للدموع أثناء الحرب ممنوع بموجب معاهدة حظر استخدام الاسلحة الكيماوية.
ومن المعروف أن مصر واحدة من حفنة من الدول التي لم توقع على تلك المعاهدة.
وعادة
ما تبرر السلطات استخدام الغاز المسيل للدموع بأنه الوسيلة الوحيدة لتفادي
استخدام روادع أكثر خطرا مثل الطلقات المطاطية والذخيرة الحية.
واخيرا
فإن المفارقة هي أن المصابين المصريين يقولون إن العبوات الغازية التي
استخدمتها قوات الأمن منتهية الصلاحية مما يجعلها سامة بدرجة أكبر، ولكن
الخبراء يقولون إن المادة المولدة للغاز والتي انتهت مدة صلاحيتها تتحلل
داخل العبوة وتصبح عديمة الجدوى .