الاردن : إحتفال بتراجع الحراك الشعبي بعد البلطجة
شاب اردني من حراك 24 اذار اصيب على يد البلطجية
خبرني – كتب بسام البدارين مراسل صحيفة القدس العربي :
إحتفالات المسؤولين وقطاع الموظفين في دوائر القرار الأردنية بالإنتصار
المبين على دعاة الإصلاح الذين حاولوا تقليد آخرين في المنطقة لا تعكس فهما
حكوميا عميقا لاستراتيجية التعاطي مع المستجدات في المشهد العربي بقدر
تنطوي على مؤشرات تفيد بضحالة التفكير الإستراتيجي في مطبخ الحكومة
.
وهنا حصريا يرى مراقبون أن عدد الأخطاء التي تورطت بها
إدارة المشهد الشهير في دوار الداخلية الأردني أكثر بكثير من عدد الفوائد
الأمنية والسياسية التي تم تحصيلها، وقد نوقش هذا الأمر بوضوح في غرف
القرار الرئيسية غير المتاحة بالعادة للمتابعة مثل مجلس السياسات الذي
نادرا ما يعقد إجتماعاته
.
وحتى الآن يمكن إحصاء فوائد قليلة جدا وغير مهمة بعد
قمع اعتصام الداخلية وتراجع المد الشعبي الذي يطالب بالإصلاح السياسي
والدستوري، والحكمة هنا وفقا لرئيس وزراء مخضرم وسابق تتطلب تجنب الإحتفال
بهذا التراجع لإنه يخفي خلفه سلسلة احتقانات في طبقات المجتمع وسلسلة ظواهر
لايريد رئيس الوزراء معروف البخيت الإعتراف بها وهو يطالب بطي الصفحة وفتح
صفحة جديدة، كما قال لبعض الكتاب والصحافيين وهو يطرب لوصف أحدهم له بوصفي
التل الثاني دون تعداد عناصر الشبه والتطابق او توضيح الحيثيات
.
ويمكن القول ببساطة وبشكل مباشر ان منع حصول ظاهرة
ميدان التحرير وسط عمان العاصمة هو الإنجاز الأمني اليتيم والمهم االذي
يمكن تسجيله في سياق المؤسسة البيروقراطية حتى بعد ظهور غياب للمرجعية في
القرار الميداني بالخصوص
.
سياسيا يمكن تسجيل إنجازين للحكومة الأردنية بعد قمع
اعتصام الدوار، فقد دخل الإسلاميون خلف الستارة قليلا بعدما كانوا طرفا على
طاولة الحوار الملكية، وهذا جيد تكتيكيا على مستوى التقديرات التنفيذية
البائسة
.
وسياسيا تم شق جبهات الحراك الشبابي وحصل تراجع في
مظاهر الحراك بالشارع وهو إنجاز حكومي بامتياز قد يفرح به أيضا الكثير من
المواطنين القلقين من التغيير وتداعياته
.
وهو ورقة يمكن ان تقدم لصانع القرار المركزي باعتبارها دليلا على نجاح سياسات التكشير قليلا عن الإنياب ومطاردة الإسلاميين بالتفاصيل
.
لكن حتى هذه الإنجازات مقلقة جدا في السياق
الإستراتيجي فقد قيست على مستوى ومنسوب القلق الأمني فقط ولم تأخذ
بالإعتبار أن النسخة المحلية من الإعتصامات تحركت ضد الفساد والتعسف
باستخدام الصلاحيات والإدارة الفاشلة حكوميا والمبالغة في الإيقاع الأمني
ويعني ذلك أنها نسخة مختلفة عن بقية إيقاعات الحراك العربي فلم يخرج أي
معتصم أردني للشارع إطلاقا ضد النظام وفي أسوأ الأحوال خرج البعض ضد بعض
أدوات ورموز النظام ليس أكثر
.
بهذا المعنى لا يمكن الإحتفال بتبطيء الحراكات في
الشارع حكوميا، فذلك ينطوي على تضليل لإن الإنتصار هنا كان للمنطوق الأمني
فقط وعلى فئة نشطة وواعية من المواطنين وفي ظرف إقتصادي حساس تطلب أصلا
السماح للناس بالتعبير والتفريغ حيث تؤشر القرائن الى أن من لا صوت له في
صندوق الإنتخابات خرج ليصيح في الشارع لكن ليس ضد النظام، كما قال الدكتور
مروان المعشر
.
اليوم المعادلة اختلت فمن خنق صوته في الصندوق والشارع
سيدخل خلف الستارة قليلا كما فعل الإسلاميون وسيتعايش مع حالة احتقان
فردية وجماعية لا مبرر لها إطلاقا خصوصا وان الحراك استهدف الحكومات
وتصرفاتها ولم يستهدف بأي لحظة النظام والقيادة والمرجعيات
.
الضغط أكثر مما ينبغي على الإسلاميين المعتدلين قد
يؤدي لتحجيمهم قليلا في الشارع، لكنه سيقدم بدلا منهم السلفيين وأعضاء حزب
التحرير المحظور وقوى أصولية جهادية بدأت تتحرك بالمقابل في الشارع ومحيط
المساجد وقمع أحلام الشباب بالتعبير والإصلاح يدمر مصداقية الخطاب الرسمي
الذي يوحي بالعكس تماما
.
وحسب قواعد اللعبة المعتادة ينبغي للسلطة في الأردن ان
لا تفرح لإن عدد المطالبين بالإصلاح في الشارع قل كثيرا بعد أحداث الدوار،
فمن التزم ببيته لم يفعل ذلك عن قناعة بل عن خوف ومن غادروا شوارع
الإعتصامات العلنية المصورة التي كانت تتحرك بحراسة رجال الأمن العام
والتعاون معهم لن يدخلوا في صناديق البيوت المغلقة بل سيبحثون عن خيارات
ليست علنية للنضال والتعبير عن الإختناق وهي حالة لم تمر سابقا على
الأردنيين يمكن اعتبارها كلفة سريعة لغلبة المنطوق الأمني
.
الأكثر إثارة للقلق اليوم في عمان هو السؤال التالي:
ماذا ستفعل المؤسسة الرسمية في مواجهة كتلة هائلة من البلطجية ظهرت فجأة في
الشوارع كأداة استخدمت ضد الإعتصامات وأصبحت واقعا موضوعيا في الشارع؟..
وماذا ستفعل مؤسسات الدولة إزاء مظاهر التعنصر والإنقسام الأهلية التي صنعت
خصيصا لتحرير دوار الداخلية من أنصار الإصلاح وخصوم النظام في واحدة من
المجازفات غير المسبوقة في تاريخ الأردن الحديث؟
شاب اردني من حراك 24 اذار اصيب على يد البلطجية
خبرني – كتب بسام البدارين مراسل صحيفة القدس العربي :
إحتفالات المسؤولين وقطاع الموظفين في دوائر القرار الأردنية بالإنتصار
المبين على دعاة الإصلاح الذين حاولوا تقليد آخرين في المنطقة لا تعكس فهما
حكوميا عميقا لاستراتيجية التعاطي مع المستجدات في المشهد العربي بقدر
تنطوي على مؤشرات تفيد بضحالة التفكير الإستراتيجي في مطبخ الحكومة
.
وهنا حصريا يرى مراقبون أن عدد الأخطاء التي تورطت بها
إدارة المشهد الشهير في دوار الداخلية الأردني أكثر بكثير من عدد الفوائد
الأمنية والسياسية التي تم تحصيلها، وقد نوقش هذا الأمر بوضوح في غرف
القرار الرئيسية غير المتاحة بالعادة للمتابعة مثل مجلس السياسات الذي
نادرا ما يعقد إجتماعاته
.
وحتى الآن يمكن إحصاء فوائد قليلة جدا وغير مهمة بعد
قمع اعتصام الداخلية وتراجع المد الشعبي الذي يطالب بالإصلاح السياسي
والدستوري، والحكمة هنا وفقا لرئيس وزراء مخضرم وسابق تتطلب تجنب الإحتفال
بهذا التراجع لإنه يخفي خلفه سلسلة احتقانات في طبقات المجتمع وسلسلة ظواهر
لايريد رئيس الوزراء معروف البخيت الإعتراف بها وهو يطالب بطي الصفحة وفتح
صفحة جديدة، كما قال لبعض الكتاب والصحافيين وهو يطرب لوصف أحدهم له بوصفي
التل الثاني دون تعداد عناصر الشبه والتطابق او توضيح الحيثيات
.
ويمكن القول ببساطة وبشكل مباشر ان منع حصول ظاهرة
ميدان التحرير وسط عمان العاصمة هو الإنجاز الأمني اليتيم والمهم االذي
يمكن تسجيله في سياق المؤسسة البيروقراطية حتى بعد ظهور غياب للمرجعية في
القرار الميداني بالخصوص
.
سياسيا يمكن تسجيل إنجازين للحكومة الأردنية بعد قمع
اعتصام الدوار، فقد دخل الإسلاميون خلف الستارة قليلا بعدما كانوا طرفا على
طاولة الحوار الملكية، وهذا جيد تكتيكيا على مستوى التقديرات التنفيذية
البائسة
.
وسياسيا تم شق جبهات الحراك الشبابي وحصل تراجع في
مظاهر الحراك بالشارع وهو إنجاز حكومي بامتياز قد يفرح به أيضا الكثير من
المواطنين القلقين من التغيير وتداعياته
.
وهو ورقة يمكن ان تقدم لصانع القرار المركزي باعتبارها دليلا على نجاح سياسات التكشير قليلا عن الإنياب ومطاردة الإسلاميين بالتفاصيل
.
لكن حتى هذه الإنجازات مقلقة جدا في السياق
الإستراتيجي فقد قيست على مستوى ومنسوب القلق الأمني فقط ولم تأخذ
بالإعتبار أن النسخة المحلية من الإعتصامات تحركت ضد الفساد والتعسف
باستخدام الصلاحيات والإدارة الفاشلة حكوميا والمبالغة في الإيقاع الأمني
ويعني ذلك أنها نسخة مختلفة عن بقية إيقاعات الحراك العربي فلم يخرج أي
معتصم أردني للشارع إطلاقا ضد النظام وفي أسوأ الأحوال خرج البعض ضد بعض
أدوات ورموز النظام ليس أكثر
.
بهذا المعنى لا يمكن الإحتفال بتبطيء الحراكات في
الشارع حكوميا، فذلك ينطوي على تضليل لإن الإنتصار هنا كان للمنطوق الأمني
فقط وعلى فئة نشطة وواعية من المواطنين وفي ظرف إقتصادي حساس تطلب أصلا
السماح للناس بالتعبير والتفريغ حيث تؤشر القرائن الى أن من لا صوت له في
صندوق الإنتخابات خرج ليصيح في الشارع لكن ليس ضد النظام، كما قال الدكتور
مروان المعشر
.
اليوم المعادلة اختلت فمن خنق صوته في الصندوق والشارع
سيدخل خلف الستارة قليلا كما فعل الإسلاميون وسيتعايش مع حالة احتقان
فردية وجماعية لا مبرر لها إطلاقا خصوصا وان الحراك استهدف الحكومات
وتصرفاتها ولم يستهدف بأي لحظة النظام والقيادة والمرجعيات
.
الضغط أكثر مما ينبغي على الإسلاميين المعتدلين قد
يؤدي لتحجيمهم قليلا في الشارع، لكنه سيقدم بدلا منهم السلفيين وأعضاء حزب
التحرير المحظور وقوى أصولية جهادية بدأت تتحرك بالمقابل في الشارع ومحيط
المساجد وقمع أحلام الشباب بالتعبير والإصلاح يدمر مصداقية الخطاب الرسمي
الذي يوحي بالعكس تماما
.
وحسب قواعد اللعبة المعتادة ينبغي للسلطة في الأردن ان
لا تفرح لإن عدد المطالبين بالإصلاح في الشارع قل كثيرا بعد أحداث الدوار،
فمن التزم ببيته لم يفعل ذلك عن قناعة بل عن خوف ومن غادروا شوارع
الإعتصامات العلنية المصورة التي كانت تتحرك بحراسة رجال الأمن العام
والتعاون معهم لن يدخلوا في صناديق البيوت المغلقة بل سيبحثون عن خيارات
ليست علنية للنضال والتعبير عن الإختناق وهي حالة لم تمر سابقا على
الأردنيين يمكن اعتبارها كلفة سريعة لغلبة المنطوق الأمني
.
الأكثر إثارة للقلق اليوم في عمان هو السؤال التالي:
ماذا ستفعل المؤسسة الرسمية في مواجهة كتلة هائلة من البلطجية ظهرت فجأة في
الشوارع كأداة استخدمت ضد الإعتصامات وأصبحت واقعا موضوعيا في الشارع؟..
وماذا ستفعل مؤسسات الدولة إزاء مظاهر التعنصر والإنقسام الأهلية التي صنعت
خصيصا لتحرير دوار الداخلية من أنصار الإصلاح وخصوم النظام في واحدة من
المجازفات غير المسبوقة في تاريخ الأردن الحديث؟