الغد: عصابة تحتال على مواطنين بـ 30 مليون دينار
الصورة تعبيرية
شاهد رئيسي مهدد بالاغتيال
بدأت قصة الشاهد الرئيسي في القضية مع تلك العصابة من خلال عمل الشاهد
كتاجر في قطاع العقار، والذي تم تفويضه من قبلهم ببيع بعض القطع، والتي
كشفت الأيام فيما بعد بأنهم حصلوا عليها بطرق غير مشروعة.
وعندها بدأت رحلة هذا الشاهد في جمع الحقائق وتوثيقها ومساعدة بعض الضحايا
الذين كان يمكن أن يتعرضوا لعمليات احتيال عبر تحذيرهم من خطورة التعامل
مع العصابة ومحاولات إنقاذهم من عمليات نصب مفترضة، إلى ان اكتشفت تلك
العصابة أمره بأنه يبطل عمليات احتيالها، ومن ثم يتحول الى شاهد عيان يقدم
الادلة والشهادات والمساعدات للضحايا الذين يمكن لهم أن ينشئوا قريبا جمعية
لكون أعدادهم في تزايد!، حيث يبلغ عددهم نحو 10 اشخاص.
ويقول هذا الشاهد إنه تعرض الى تهديدات بالقتل لأنه بات دليلا رئيسيا على
أعمال الاحتيال، بالاضافة إلى سرقة أمواله ودفاتر شيكاته وتقديمها من
خلالهم (بعد تزوير التوقيع) إلى البنوك التي سبق وان تسلمت إخطارات رسمية
بأنها مسروقة، بحسب قوله.
وعن اهمية الشاهد، قال عدد من المحامين، الذين التقتهم "الغد"، إن "عدم
ظهور هذا الشاهد تحديدا كان سيبقي الكثير من الامور مجهولة والحلقات متقطعة
بين الضحايا وعائلاتهم أولا ومن ثم محاميهم لأن طرق واشخاص المحتالين
متنوعة، لكنهم في الحقيقة يعملون لصالح مجموعة واحدة ما جعل التواصل بين
الضحايا مجتمعين من خلال الشاهد واللقاءات التي تعقد بينهم أمرا يساعد في
مواجهة العصابة قضائيا".
من الغربة إلى المرض
من بين الضحايا سبعيني (ف.ف) وهو شبه مقعد حاليا ولا يقوى على الحركة بعد
الاحداث التي عانى منها من اعمال تلك العصابة، وقد قضى 50 عاما من عمره
مغتربا ما بين كندا والكويت، وتمكن من جمع ثروته التي تقدر بملايين
الدنانير وأحضرها للاستثمار في المملكة، لكنه بعد أن دشن العديد من
الاستثمارات بمبالغ هائلة وفرت فرص عمل في عدد من القطاعات ابتداء من
التعليم، واجه نفرا من الاشخاص الذين تعرفوا عليه بداعي التجارة في
الاراضي، عبر إخباره بأن أحد وكلاء الأمراء الخليجيين راغب في شراء قطعة
أرض وأنهم يعتزمون شراءها لبيعها له فيما بعد.
في المرحلة الأولى اشترى تلك الأرض التي حددوها، مدعين بأن الأمير الخليجي
يرغب في تملكها، علما بأن ثمنها قد وصل الى 150 ألف دينار، لغايات بيعها
للأمير بمبلغ 200 ألف دينار، لكن تبين لاحقا أن ثمنها الحقيقي أقل من
النصف، ولم يكن ذلك نهاية عملية الاحتيال بل بدايته.
فقد عاد أولئك المحتالون واعلموا (ف.ف) بأنهم سيقومون ببيع قطعة ارض تعود
ملكيتها لـ(ف.ف) على طريق المطار، وقيمتها السوقية 400 ألف دينار للأمير
الخليجي ذاته، شريطة منحهم وكالة غير قابلة للعزل لقاء منحه قطعة أرض تساوي
قيمة الأرض التي اشتراها سابقا عن طريقهم بمبلغ 150 ألف دينار، علما بأنهم
أوهموا (ف.ف) بأن أرضهم تفوق ثمن قطعتي أرض مجتمعتين لتبقى على سبيل
الامانة لحين تحويل المبلغ من الأمير الخليجي.
أما موطن الاحتيال الذي تعاملوا به، فإنه قام على أساس ايهام السبعيني بأن
قطعة الأرض العائدة لهم، تقع في منطقة أم رمانة في مادبا وأن قيمتها
السوقية تعادل 800 ألف دينار، إلا أن واقع الأمر في حقيقته تبين بأن قطعة
الأرض التي منحت وكالتها له تقع في حوض أم رمانة في صحراء جنوب عمان وسعرها
لا يتجاوز 6000 دينار.
وبعد تلك الأحداث سلك (ف.ف) طريق القانون لرفع قضية لفسخ الوكالة غير
القابلة للعزل ضد احد المحتالين في العام الماضي، التي سبق وان منح العصابة
إياها إلا أنه وفي المساء جاء احد افراد العصابة ليخبر (ف. ف) بأن الحوالة
المزعومة قد وصلت من إحدى الدول الخليجية، وطلب تحرير الشيكات بقيمة
الحوالة كضمان لحين التنازل الرسمي عن قطعتي الأرض اللتين منحهما اياه
بموجب وكالات غير قابلة للعزل.
وقال (ف.ف) "حررت شيكين إلا أنني رفضت تسليمهما لهما حتى أتأكد صباحا بأن
الحوالة قد وصلت، غير أني تفاجأت صباحا بفقدان الشيكين من منزلي الذي لا
يقطنه سواي وزوجتي السبعينية، علما بأن قيمتهما تبلغ 600 ألف دينار، إلا
أنهم انكروا سرقة الشيكين".
وفي صباح اليوم التالي يستذكر (ف.ف) ما أخبره به رجال البحث الجنائي بأن
"عصابة تحاول ايهامه بوجود مشترين خليجيين راغبين في شراء قطعة أرض تعود
ملكيتها لـ(ف.ف)، وأن المعلومات التي تتحدث عن تحويل حوالات من بنوك خليجية
أمر غير صحيح، وان هؤلاء عصابة مطاردة من قبل الامن".
ويقول "تعرضت لتهديد من العصابة بعد لجوئي للقضاء، وعند التحري عنهم وجدت
آخرين من الطاعنين في السن على شاكلتي ممن تعرضوا لعمليات نصب من تلك
العصابة، التي تعمل بطريقة منظمة ومحترفة في الأعمال الموصوفة إلا أنهم من
الناحية القانونية مغطون".
وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، فإن (ف.ف) أصبح شخصا مدانا بقضايا بموجب
الشيكات التي سرقت منه لقاء 600 ألف دينار، وكذلك توجد الاراضي التي
يمتلكها محجوزة لصالح تلك العصابة وتتابع في معاقبته من الناحية القانونية.
التوقيع على بياض
الضحية الثانية هو (غ.ب) والبالغ من العمر 90 عاما، والذي تردد عليه اثنان
من افراد العصابة، وكانت بداية قصته ببيع مزرعة له مناصفة مع شخص حاليا
يملك ادلة دامغة على تلك العصابة، وهو المهدد من قبلهم بالقتل، يقول (غ.ب)
جرت مفاوضتي على تلك المزرعة لأبيعها بضعف الثمن الذي اشتريته وهو 270 الف
دينار.
وبعد تلك التفاصيل حضر الى (غ.ب) عدد من أفراد العصابة لشراء حصته في
المزرعة، وقاموا باقناعه بتوقيع اتفاقية مبدئية من أجل تحويل قيمة ثمن حصته
كون المشتري خليجي الجنسية، ولا يستطيع تحويل المبلغ من بلاده الا بوجود
مبرر كشراء أملاك في دولة أخرى.
ولكونه طاعنا في السن ولا يقوى على التركيز جيدا، وقعوه على 7 أوراق بيضاء
بوجود الشاهد، وفيما بعد طبعوا على تلك الاوراق عدة أمور تخدم مصالحهم،
واحدة منها وصل أمانة بقيمة 920 ألف دينار، وأخرى وكالة غير قابل للعزل
بقطعة في منطقة أم الدنانير والثانية بقطعتين في منطقة أم أذينة، وتقدر
قيمتهما السوقية بنحو 7 ملايين دينار.
وليس من المستغرب بعد كل ذلك، أن لا يلتقي (غ.ب)، عند طلب "الغد" لقاءه في
منزله، إلا بحضور ابنه ومحاميه، حيث حضر/ الضحية متوكئا على عصاه وبالكاد
يتماسك.
وقال (غ.ب) "اتصل بأولادي فاعل الخير واخبرهم بأنه يوجد من يعرض قطع
الاراضي التي أملكها للبيع!!، عندها علمنا بأن تلك العصابة قد احتالت
عليّ".
ويتهم (غ.ب) مسؤولين حكوميين متنفذين بأنهم ييسرون عمل تلك العصابة، نافيا
لـ"الغد" منح أفراد تلك العصابة ومعاونيهم وكالات بأراضيه أو توجهه الى
المحكمة أو دوائر الاراضي لمنح وكالات غير قابلة للعزل، وقال "لقد استغلوا
ضعفي وسرقوا أموالي وحولوني الى شخص مدان".
وقال (غ.ب) "إنه ومنذ البداية اشترط على العصابة انه في مقابل التعامل
معهم بأي معاملة تجارية، أن يحضروا له شيكات مصدقة من بنوك معروفة، إلا
أنهم منحوه شيك تأمين صادرا عن أحد البنوك الخليجية، لكنه اكتشف لاحقا أن
البيانات المدونة في الشيك تحوي على الكثير من الأخطاء، كأن يكون الرقم
مكتوبا بالدينار ومرقما بعملة أخرى، مشيرا إلى انه ضعيف البصر، ولم يستطع
حينها التأكد من التفاصيل كافة والتي باتت تستغل ضده.
ويؤكد بأنه وأفراد عائلته يتصارعون مع تلك العصابة ومطاردتهم عبر المحاكم
باستخدام الاوراق التي تم توقيعه عليها فارغة من دون علمه، والتي تحولت الى
وكالات ثمنها ملايين الدنانير.
مذكرات ضحية توفيت كمدا وقهرا
أحد الضحايا تحول "من مليونير الى مديونير"، وهو أكبر الخاسرين بين
الضحايا، وقد قضى قهرا وكمدا وورث عائلته مطالبات مالية تشكل ضغطا على
مستوياتهم المعيشية.
ولذلك كان التواصل مع "الغد" من خلال ابنته التي تصارع وأفراد تلك العصابة
بعد أن نهبوا أموال أبيها وممتلكاته والتي امتدت الى اراض في احدى الدول
الخليجية؛ حيث إن مبالغ الاحتيال على تلك الضحية تقدر بنحو 12 مليون دينار،
لاسيما وأن الضحية كان رجلا طاعنا في السن تم العمل على فصله عن عائلته
وتحويله من رجل أعمال مرموق الى شخص يعاني من ثقل المديونية.
"الغد" اطلعت من ابنة الضحية المتوفى على مذكراته التي يسرد فيها ما حدث به.
ومن بين الأساليب التي استخدمت معه في البداية شراء جرافة للبحث عن الذهب،
وكان يمول تلك العمليات، حتى افضت الى خسارة النقد الذي بحوزته ما جعل
عائلته تسحب منه ما تبقى بحوزته من نقد، والاكتفاء بمنحه مبالغ بسيطة،
ليتطور تصرف تلك العصابة الى الطلب منه الاقتراض من البنوك لكونه رجلا
معروفا، وكان قادرا على الحصول على القروض بمجرد الاتصال بالهاتف نتيجة
قناعة البنوك بما يملكه وملاءته المالية، ونظير رهونات على أراضيه التي
تقدر بملايين الدنانير الواحدة تلوة الاخرى.
كما اطلعت "الغد" على أوراق مكتوبة بخط اليد من الضحية المتوفى يبث فيها
سوء حاله، ويستعرض من خلالها جملة من المشاريع التي كانت العصابة تعرضها
عليه بغرض الاستثمار وكيفية التحايل عليه، وعلى الأغلب أن تلك الأوراق كتبت
بعد أن فرغت تلك العصابة من الاحتيال عليه واصبح مديونا".
ويقول الضحية في إحدى كتاباته لابنه "... لا تتدخل في أي أمور مالية أو
عقارية واترك هذه المسائل لاختك (...) لكونها حذرة أكثر مني ومنك في
التعامل مع الآخرين وتعرف الناس والاشخاص والحقيقة أنني لو أخذت نصائحها
بفراستها في الناس، لما وصلت الى الوضع الذي نعاني منه أنا وأنت والجميع".
ويقول في إحدى أوراقه حول العصابة "أساليبهم شيطانية يعجز ابليس ان تخطر على باله عمل مثلها أو أقل بكثير منها".
والضحية المتوفى هو شخص متعلم ودرس في الجامعة الاميركية في بيروت ومنظم،
بحسب الوثائق التي اطلعت عليها "الغد"، لكنه يقر في كل أوراقه التي خلفها
من ورائه بأنه ضحية وخلّف المشاكل من بعده، وتصارع عائلته حاليا في ديون
وأوراق لا تعلم مدى دقتها، كما تقول ابنته.
أحدث الضحايا
المعلومات تفيد بأن العصابة ما تزال تقوم بعمليات الاحتيال وتطارد الضحايا
في المحاكم، متسلحة بما تملكه من أوراق عبر الحيل التي استخدمتها، حيث
تعرض ضحيتان لعمليات احتيال بالطرق السابقة بادعاء وجود مستثمر خليجي له
وكيل أعمال في الاردن، إذ قاموا بايهامهما بوجود أراض يرغب المستثمر
بشرائها، علما بأن الاراضي تعود ملكيتها للرأس المدبر، ويقومون في الخطوة
التالية بجعل الضحايا يتملكون الاراضي المعروضة عليهم بأضعاف ثمنها على
أساس إعادة بيعها لذلك المستثمر المزعوم، وتنشأ فيما بعد الخلافات ليكتشف
الضحية بأنه قد تم الاحتيال عليه.
وقدرت قيمة الاحتيال لآخر ضحيتين بنحو 800 ألف دينار، المعلومات التي حصلت
عليها "الغد" تؤكد أن العصابة تملك قائمة بأسماء اشخاص سيقع عليهم
الاحتيال خلال الفترة المقبلة مستندين أي العصابة الى معلومات دقيقة حول
ملكيات الضحايا القادمين.
ويرى قانونيون من وكلاء الضحايا أن القضية تحتاج الى تحويل ملف القضية
المتعلق بتلك العصابة برمته إلى محكمة أمن الدولة، لكونها جرائم اقتصادية
حيث يتوفر فيها اتفاق جنائي.
الصورة تعبيرية
خبرني - انفرد مندوب صحيفة الغد يوسف محمد
ضمرة بنشر قضية موثقة، حول "عصابة" احتالت على مواطنين القواسم المشتركة
بينهم هي أنهم طاعنون في السن بـ 30 مليون دينار، وفيما يلي تفاصيل القضية:
ضمرة بنشر قضية موثقة، حول "عصابة" احتالت على مواطنين القواسم المشتركة
بينهم هي أنهم طاعنون في السن بـ 30 مليون دينار، وفيما يلي تفاصيل القضية:
تمكنت عصابة، مكونة من عدد من الأشخاص، من
القيام بعملية احتيال منظمة بملايين الدنانير، استولت خلالها على أراضٍ
تعود لمواطنين، حسبما أبلغ الضحايا "الغد".
الملفت في قضية الاحتيال وما يميزها عن غيرها من القضايا أسلوب العصابة
التي تستهدف ملاك أراض طاعنين في السن بعد تتبعهم ومراقبتهم، والتعامل معهم
بعيدا عن أفراد عائلاتهم، أو اطراف من ذوي الخبرة. وعلى مدار أشهر من
البحث استطاعت "الغد" رصد نحو 5 حالات احتيال، جميع ضحاياها من الطاعنين في
السن ممن فقدوا ممتلكاتهم كافة أو جزءا كبيرا منها، لتصل التقديرات
الاولية لعملية الاحتيال إلى نحو 30 مليون دينار.
وتبين من خلال عملية رصد لعمليات الاحتيال المذكورة، تشابه في السيناريو
الذي تعتمده العصابة الطليقة حتى الآن، لكن العنصر الأهم ما تثبته وثائق
حصلت عليها "الغد" تؤكد وجود "غطاء وحماية" للعصابة من قبل متنفذين
ومسؤولين حكوميين.
"الغد" التقت ضحايا تلك الاحتيالات، وتسرد في هذا التقرير الأسلوب الذي
انتهجته تلك العصابة، والذي وإن بدا مختلفا في الشكل لكنه متشابه في
المضمون، بالاضافة لكون من تم الحديث اليهم يشتكون لدى المحاكم على أشخاص
محددين ورأس واحد، وتحتفظ "الغد" بجميع التفاصيل لديها.
ووثق أحد الشهود الذي يقول إنه تعرض للتهديد بالقتل من قبل العصابة،
لـ"الغد" شهادته حول تفاصيل العصابة، كاشفا كل أسرار تلك العصابة التي
تحتال على ضحاياها بهدف الاستيلاء على أراضي من يقتنصونه، مؤكدا أن الجهات
المعنية ما تزال "تتلكأ" في القبض على هؤلاء الجناة ووقف عمليات الاحتيال،
بحسب قوله.
ويمثل هذا الضحية الشاهد الرسمي الوحيد على عمليات الاحتيال التي قامت بها
العصابة في المحاكم، وقال إنه تعرض للتهديد بالقتل من قبل العصابة لما
يملكه ويعرفه من تفاصيل عنها، وعلى الرغم من كل استغاثاته بالجهات المعنية
إلا أنه لم يجد آذانا صاغية توقف تلك التداعيات، بحسب قوله.
كما تحتفظ "الغد" بكافة الوثائق والشهادات التي سجلتها وما تعرض له
الضحايا وبحضور قانونيين في كثير من الاحيان، بالاضافة الى أن بعض التفاصيل
ستعرض لاحقا.
وللأسف لم تتمكن "الغد" من الوصول إلى الضحية الأقدم الذي خطفه القدر قبل
الوصول إلى ذويه، حيث توفاه الله قبل شهرين، لكن ابنته التي ورثت عنه ذمما
مالية تعلم علم اليقين بأن تلك الذمم ما هي إلا بقايا احتيال العصابة التي
استولت على ثروة والدها والتي قدرتها بنحو 12 مليون دينار.
وتختار تلك العصابة كبار السن الذين يفوق عمر الواحد منهم الـ 75 عاما،
وهم ضعيفو البصر والقدرة الجسدية ومنهم محامون ومهندسون وأطباء وتجار قاموا
بجمع تلك الأموال في غربتهم وعملهم في دول الخليج وأميركا وكندا.
أحد الضحايا، يصل عمره نحو 90 عاما، وكان إبان تأسيس الدولة الأردنية
برفقة المغفور له الامير عبدالله رحمه الله قبل أن يتوج ملكا للمملكة
الأردنية الهاشمية، وقد سلبت منه العصابة نحو 7 ملايين دينار تمثل عددا من
قطع الاراضي في عمان الغربية.
ويعاني الضحايا، الذين يحصلون على احكام لتوقيف بعض افراد العصابة، من بطء
الاجراءات الرسمية من ناحية والاخطر من ذلك أنه في عدة مناسبات تدخل
متنفذون لإخراجهم بالكفالة فور اعتقالهم، أو اللجوء لخدعة المرض حتى لا
يمكثوا في السجون ليتم نقلهم الى المستشفيات لحين تدبير أمر الكفالة وضمان
عدم مثولهم أمام القضاء، وفي هذه الاثناء يمارسون أسلوب التهديد للضحايا
والشهود من دون رادع، حتى يغيروا مسار التحقيق في القضايا لصالحهم، وغالبا
ما ينجحون بذلك، "بفضل دعم مسؤولين على رأس عملهم في مؤسسات حساسة"، بحسب
الضحايا والشهود.
ويعد ذلك شكلا من أشكال الفساد الذي لم يكشف عنه اللثام بعد، وهو الأخطر
على الاستثمار في المملكة والذي يتلخص في تآمر بين عصابات نصب وداعميهم من
أصحاب النفوذ ليتقاسم الشركاء الغنيمة ويكون الضحية مواطنا أفنى عمره في
العمل والانجاز ودفع الضريبة لوطنه.
يذكر أن القواسم المشتركة بين الضحايا أنهم طاعنون في السن، فترت علاقاتهم
بذويهم وعائلاتهم بعيد تعرف الضحايا على افراد العصابة، ما ادى إلى
استفراد الضحايا باتخاذ قراراتهم المالية والتجارية وحدهم، والتكتم على اي
شيء، سيما وأن من بين ابناء هؤلاء الضحايا وذويهم قانونيين.
وتختص هذه العصابة بالاحتيال والتزوير في الأوراق وارتكاب طرق احتياليه
مستحدثة توهم من خلالها الضحايا بوجود مستثمر أو (أمير) خليجي مزعوم، وذلك
بعد ان يقوم الرأس المدبر أو رئيس العصابة باختيار الضحية وإرسال أحد
الافراد التابعين له لإقناع الضحية بوجود سكرتير أو وكيل الأمير الخليجي في
عمان، ويرغب بشراء قطعة أرض يتم تحديدها من قبل الرأس المدبر أيضا (وهي
بالأساس ملك للرأس المدبر)، وأن المشتري الخليجي قد عاين قطعة الأرض وهو
جاهز لدفع العربون، وبعدها يقومون بالكشف للضحية عن قطعة أرض أخرى حتى
يقتنع الضحية بها كون الأرض الحقيقية لا يستطيعون الوصول إليها ولا يتجاوز
ثمنها 10 % من قيمة الأرض التي عاينها الضحية، ثم يرسلون الضحية الى سكرتير
الامير الخليجي المزعوم الذي يدفع عربونا على قطعة الأرض الاخرى التي تعود
ملكيتها للرأس المدبر كون العربون يدفع منه ويرجع له أضعافا مضاعفة بهدف
إغراء الضحية.
القيام بعملية احتيال منظمة بملايين الدنانير، استولت خلالها على أراضٍ
تعود لمواطنين، حسبما أبلغ الضحايا "الغد".
الملفت في قضية الاحتيال وما يميزها عن غيرها من القضايا أسلوب العصابة
التي تستهدف ملاك أراض طاعنين في السن بعد تتبعهم ومراقبتهم، والتعامل معهم
بعيدا عن أفراد عائلاتهم، أو اطراف من ذوي الخبرة. وعلى مدار أشهر من
البحث استطاعت "الغد" رصد نحو 5 حالات احتيال، جميع ضحاياها من الطاعنين في
السن ممن فقدوا ممتلكاتهم كافة أو جزءا كبيرا منها، لتصل التقديرات
الاولية لعملية الاحتيال إلى نحو 30 مليون دينار.
وتبين من خلال عملية رصد لعمليات الاحتيال المذكورة، تشابه في السيناريو
الذي تعتمده العصابة الطليقة حتى الآن، لكن العنصر الأهم ما تثبته وثائق
حصلت عليها "الغد" تؤكد وجود "غطاء وحماية" للعصابة من قبل متنفذين
ومسؤولين حكوميين.
"الغد" التقت ضحايا تلك الاحتيالات، وتسرد في هذا التقرير الأسلوب الذي
انتهجته تلك العصابة، والذي وإن بدا مختلفا في الشكل لكنه متشابه في
المضمون، بالاضافة لكون من تم الحديث اليهم يشتكون لدى المحاكم على أشخاص
محددين ورأس واحد، وتحتفظ "الغد" بجميع التفاصيل لديها.
ووثق أحد الشهود الذي يقول إنه تعرض للتهديد بالقتل من قبل العصابة،
لـ"الغد" شهادته حول تفاصيل العصابة، كاشفا كل أسرار تلك العصابة التي
تحتال على ضحاياها بهدف الاستيلاء على أراضي من يقتنصونه، مؤكدا أن الجهات
المعنية ما تزال "تتلكأ" في القبض على هؤلاء الجناة ووقف عمليات الاحتيال،
بحسب قوله.
ويمثل هذا الضحية الشاهد الرسمي الوحيد على عمليات الاحتيال التي قامت بها
العصابة في المحاكم، وقال إنه تعرض للتهديد بالقتل من قبل العصابة لما
يملكه ويعرفه من تفاصيل عنها، وعلى الرغم من كل استغاثاته بالجهات المعنية
إلا أنه لم يجد آذانا صاغية توقف تلك التداعيات، بحسب قوله.
كما تحتفظ "الغد" بكافة الوثائق والشهادات التي سجلتها وما تعرض له
الضحايا وبحضور قانونيين في كثير من الاحيان، بالاضافة الى أن بعض التفاصيل
ستعرض لاحقا.
وللأسف لم تتمكن "الغد" من الوصول إلى الضحية الأقدم الذي خطفه القدر قبل
الوصول إلى ذويه، حيث توفاه الله قبل شهرين، لكن ابنته التي ورثت عنه ذمما
مالية تعلم علم اليقين بأن تلك الذمم ما هي إلا بقايا احتيال العصابة التي
استولت على ثروة والدها والتي قدرتها بنحو 12 مليون دينار.
وتختار تلك العصابة كبار السن الذين يفوق عمر الواحد منهم الـ 75 عاما،
وهم ضعيفو البصر والقدرة الجسدية ومنهم محامون ومهندسون وأطباء وتجار قاموا
بجمع تلك الأموال في غربتهم وعملهم في دول الخليج وأميركا وكندا.
أحد الضحايا، يصل عمره نحو 90 عاما، وكان إبان تأسيس الدولة الأردنية
برفقة المغفور له الامير عبدالله رحمه الله قبل أن يتوج ملكا للمملكة
الأردنية الهاشمية، وقد سلبت منه العصابة نحو 7 ملايين دينار تمثل عددا من
قطع الاراضي في عمان الغربية.
ويعاني الضحايا، الذين يحصلون على احكام لتوقيف بعض افراد العصابة، من بطء
الاجراءات الرسمية من ناحية والاخطر من ذلك أنه في عدة مناسبات تدخل
متنفذون لإخراجهم بالكفالة فور اعتقالهم، أو اللجوء لخدعة المرض حتى لا
يمكثوا في السجون ليتم نقلهم الى المستشفيات لحين تدبير أمر الكفالة وضمان
عدم مثولهم أمام القضاء، وفي هذه الاثناء يمارسون أسلوب التهديد للضحايا
والشهود من دون رادع، حتى يغيروا مسار التحقيق في القضايا لصالحهم، وغالبا
ما ينجحون بذلك، "بفضل دعم مسؤولين على رأس عملهم في مؤسسات حساسة"، بحسب
الضحايا والشهود.
ويعد ذلك شكلا من أشكال الفساد الذي لم يكشف عنه اللثام بعد، وهو الأخطر
على الاستثمار في المملكة والذي يتلخص في تآمر بين عصابات نصب وداعميهم من
أصحاب النفوذ ليتقاسم الشركاء الغنيمة ويكون الضحية مواطنا أفنى عمره في
العمل والانجاز ودفع الضريبة لوطنه.
يذكر أن القواسم المشتركة بين الضحايا أنهم طاعنون في السن، فترت علاقاتهم
بذويهم وعائلاتهم بعيد تعرف الضحايا على افراد العصابة، ما ادى إلى
استفراد الضحايا باتخاذ قراراتهم المالية والتجارية وحدهم، والتكتم على اي
شيء، سيما وأن من بين ابناء هؤلاء الضحايا وذويهم قانونيين.
وتختص هذه العصابة بالاحتيال والتزوير في الأوراق وارتكاب طرق احتياليه
مستحدثة توهم من خلالها الضحايا بوجود مستثمر أو (أمير) خليجي مزعوم، وذلك
بعد ان يقوم الرأس المدبر أو رئيس العصابة باختيار الضحية وإرسال أحد
الافراد التابعين له لإقناع الضحية بوجود سكرتير أو وكيل الأمير الخليجي في
عمان، ويرغب بشراء قطعة أرض يتم تحديدها من قبل الرأس المدبر أيضا (وهي
بالأساس ملك للرأس المدبر)، وأن المشتري الخليجي قد عاين قطعة الأرض وهو
جاهز لدفع العربون، وبعدها يقومون بالكشف للضحية عن قطعة أرض أخرى حتى
يقتنع الضحية بها كون الأرض الحقيقية لا يستطيعون الوصول إليها ولا يتجاوز
ثمنها 10 % من قيمة الأرض التي عاينها الضحية، ثم يرسلون الضحية الى سكرتير
الامير الخليجي المزعوم الذي يدفع عربونا على قطعة الأرض الاخرى التي تعود
ملكيتها للرأس المدبر كون العربون يدفع منه ويرجع له أضعافا مضاعفة بهدف
إغراء الضحية.
شاهد رئيسي مهدد بالاغتيال
بدأت قصة الشاهد الرئيسي في القضية مع تلك العصابة من خلال عمل الشاهد
كتاجر في قطاع العقار، والذي تم تفويضه من قبلهم ببيع بعض القطع، والتي
كشفت الأيام فيما بعد بأنهم حصلوا عليها بطرق غير مشروعة.
وعندها بدأت رحلة هذا الشاهد في جمع الحقائق وتوثيقها ومساعدة بعض الضحايا
الذين كان يمكن أن يتعرضوا لعمليات احتيال عبر تحذيرهم من خطورة التعامل
مع العصابة ومحاولات إنقاذهم من عمليات نصب مفترضة، إلى ان اكتشفت تلك
العصابة أمره بأنه يبطل عمليات احتيالها، ومن ثم يتحول الى شاهد عيان يقدم
الادلة والشهادات والمساعدات للضحايا الذين يمكن لهم أن ينشئوا قريبا جمعية
لكون أعدادهم في تزايد!، حيث يبلغ عددهم نحو 10 اشخاص.
ويقول هذا الشاهد إنه تعرض الى تهديدات بالقتل لأنه بات دليلا رئيسيا على
أعمال الاحتيال، بالاضافة إلى سرقة أمواله ودفاتر شيكاته وتقديمها من
خلالهم (بعد تزوير التوقيع) إلى البنوك التي سبق وان تسلمت إخطارات رسمية
بأنها مسروقة، بحسب قوله.
وعن اهمية الشاهد، قال عدد من المحامين، الذين التقتهم "الغد"، إن "عدم
ظهور هذا الشاهد تحديدا كان سيبقي الكثير من الامور مجهولة والحلقات متقطعة
بين الضحايا وعائلاتهم أولا ومن ثم محاميهم لأن طرق واشخاص المحتالين
متنوعة، لكنهم في الحقيقة يعملون لصالح مجموعة واحدة ما جعل التواصل بين
الضحايا مجتمعين من خلال الشاهد واللقاءات التي تعقد بينهم أمرا يساعد في
مواجهة العصابة قضائيا".
من الغربة إلى المرض
من بين الضحايا سبعيني (ف.ف) وهو شبه مقعد حاليا ولا يقوى على الحركة بعد
الاحداث التي عانى منها من اعمال تلك العصابة، وقد قضى 50 عاما من عمره
مغتربا ما بين كندا والكويت، وتمكن من جمع ثروته التي تقدر بملايين
الدنانير وأحضرها للاستثمار في المملكة، لكنه بعد أن دشن العديد من
الاستثمارات بمبالغ هائلة وفرت فرص عمل في عدد من القطاعات ابتداء من
التعليم، واجه نفرا من الاشخاص الذين تعرفوا عليه بداعي التجارة في
الاراضي، عبر إخباره بأن أحد وكلاء الأمراء الخليجيين راغب في شراء قطعة
أرض وأنهم يعتزمون شراءها لبيعها له فيما بعد.
في المرحلة الأولى اشترى تلك الأرض التي حددوها، مدعين بأن الأمير الخليجي
يرغب في تملكها، علما بأن ثمنها قد وصل الى 150 ألف دينار، لغايات بيعها
للأمير بمبلغ 200 ألف دينار، لكن تبين لاحقا أن ثمنها الحقيقي أقل من
النصف، ولم يكن ذلك نهاية عملية الاحتيال بل بدايته.
فقد عاد أولئك المحتالون واعلموا (ف.ف) بأنهم سيقومون ببيع قطعة ارض تعود
ملكيتها لـ(ف.ف) على طريق المطار، وقيمتها السوقية 400 ألف دينار للأمير
الخليجي ذاته، شريطة منحهم وكالة غير قابلة للعزل لقاء منحه قطعة أرض تساوي
قيمة الأرض التي اشتراها سابقا عن طريقهم بمبلغ 150 ألف دينار، علما بأنهم
أوهموا (ف.ف) بأن أرضهم تفوق ثمن قطعتي أرض مجتمعتين لتبقى على سبيل
الامانة لحين تحويل المبلغ من الأمير الخليجي.
أما موطن الاحتيال الذي تعاملوا به، فإنه قام على أساس ايهام السبعيني بأن
قطعة الأرض العائدة لهم، تقع في منطقة أم رمانة في مادبا وأن قيمتها
السوقية تعادل 800 ألف دينار، إلا أن واقع الأمر في حقيقته تبين بأن قطعة
الأرض التي منحت وكالتها له تقع في حوض أم رمانة في صحراء جنوب عمان وسعرها
لا يتجاوز 6000 دينار.
وبعد تلك الأحداث سلك (ف.ف) طريق القانون لرفع قضية لفسخ الوكالة غير
القابلة للعزل ضد احد المحتالين في العام الماضي، التي سبق وان منح العصابة
إياها إلا أنه وفي المساء جاء احد افراد العصابة ليخبر (ف. ف) بأن الحوالة
المزعومة قد وصلت من إحدى الدول الخليجية، وطلب تحرير الشيكات بقيمة
الحوالة كضمان لحين التنازل الرسمي عن قطعتي الأرض اللتين منحهما اياه
بموجب وكالات غير قابلة للعزل.
وقال (ف.ف) "حررت شيكين إلا أنني رفضت تسليمهما لهما حتى أتأكد صباحا بأن
الحوالة قد وصلت، غير أني تفاجأت صباحا بفقدان الشيكين من منزلي الذي لا
يقطنه سواي وزوجتي السبعينية، علما بأن قيمتهما تبلغ 600 ألف دينار، إلا
أنهم انكروا سرقة الشيكين".
وفي صباح اليوم التالي يستذكر (ف.ف) ما أخبره به رجال البحث الجنائي بأن
"عصابة تحاول ايهامه بوجود مشترين خليجيين راغبين في شراء قطعة أرض تعود
ملكيتها لـ(ف.ف)، وأن المعلومات التي تتحدث عن تحويل حوالات من بنوك خليجية
أمر غير صحيح، وان هؤلاء عصابة مطاردة من قبل الامن".
ويقول "تعرضت لتهديد من العصابة بعد لجوئي للقضاء، وعند التحري عنهم وجدت
آخرين من الطاعنين في السن على شاكلتي ممن تعرضوا لعمليات نصب من تلك
العصابة، التي تعمل بطريقة منظمة ومحترفة في الأعمال الموصوفة إلا أنهم من
الناحية القانونية مغطون".
وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، فإن (ف.ف) أصبح شخصا مدانا بقضايا بموجب
الشيكات التي سرقت منه لقاء 600 ألف دينار، وكذلك توجد الاراضي التي
يمتلكها محجوزة لصالح تلك العصابة وتتابع في معاقبته من الناحية القانونية.
التوقيع على بياض
الضحية الثانية هو (غ.ب) والبالغ من العمر 90 عاما، والذي تردد عليه اثنان
من افراد العصابة، وكانت بداية قصته ببيع مزرعة له مناصفة مع شخص حاليا
يملك ادلة دامغة على تلك العصابة، وهو المهدد من قبلهم بالقتل، يقول (غ.ب)
جرت مفاوضتي على تلك المزرعة لأبيعها بضعف الثمن الذي اشتريته وهو 270 الف
دينار.
وبعد تلك التفاصيل حضر الى (غ.ب) عدد من أفراد العصابة لشراء حصته في
المزرعة، وقاموا باقناعه بتوقيع اتفاقية مبدئية من أجل تحويل قيمة ثمن حصته
كون المشتري خليجي الجنسية، ولا يستطيع تحويل المبلغ من بلاده الا بوجود
مبرر كشراء أملاك في دولة أخرى.
ولكونه طاعنا في السن ولا يقوى على التركيز جيدا، وقعوه على 7 أوراق بيضاء
بوجود الشاهد، وفيما بعد طبعوا على تلك الاوراق عدة أمور تخدم مصالحهم،
واحدة منها وصل أمانة بقيمة 920 ألف دينار، وأخرى وكالة غير قابل للعزل
بقطعة في منطقة أم الدنانير والثانية بقطعتين في منطقة أم أذينة، وتقدر
قيمتهما السوقية بنحو 7 ملايين دينار.
وليس من المستغرب بعد كل ذلك، أن لا يلتقي (غ.ب)، عند طلب "الغد" لقاءه في
منزله، إلا بحضور ابنه ومحاميه، حيث حضر/ الضحية متوكئا على عصاه وبالكاد
يتماسك.
وقال (غ.ب) "اتصل بأولادي فاعل الخير واخبرهم بأنه يوجد من يعرض قطع
الاراضي التي أملكها للبيع!!، عندها علمنا بأن تلك العصابة قد احتالت
عليّ".
ويتهم (غ.ب) مسؤولين حكوميين متنفذين بأنهم ييسرون عمل تلك العصابة، نافيا
لـ"الغد" منح أفراد تلك العصابة ومعاونيهم وكالات بأراضيه أو توجهه الى
المحكمة أو دوائر الاراضي لمنح وكالات غير قابلة للعزل، وقال "لقد استغلوا
ضعفي وسرقوا أموالي وحولوني الى شخص مدان".
وقال (غ.ب) "إنه ومنذ البداية اشترط على العصابة انه في مقابل التعامل
معهم بأي معاملة تجارية، أن يحضروا له شيكات مصدقة من بنوك معروفة، إلا
أنهم منحوه شيك تأمين صادرا عن أحد البنوك الخليجية، لكنه اكتشف لاحقا أن
البيانات المدونة في الشيك تحوي على الكثير من الأخطاء، كأن يكون الرقم
مكتوبا بالدينار ومرقما بعملة أخرى، مشيرا إلى انه ضعيف البصر، ولم يستطع
حينها التأكد من التفاصيل كافة والتي باتت تستغل ضده.
ويؤكد بأنه وأفراد عائلته يتصارعون مع تلك العصابة ومطاردتهم عبر المحاكم
باستخدام الاوراق التي تم توقيعه عليها فارغة من دون علمه، والتي تحولت الى
وكالات ثمنها ملايين الدنانير.
مذكرات ضحية توفيت كمدا وقهرا
أحد الضحايا تحول "من مليونير الى مديونير"، وهو أكبر الخاسرين بين
الضحايا، وقد قضى قهرا وكمدا وورث عائلته مطالبات مالية تشكل ضغطا على
مستوياتهم المعيشية.
ولذلك كان التواصل مع "الغد" من خلال ابنته التي تصارع وأفراد تلك العصابة
بعد أن نهبوا أموال أبيها وممتلكاته والتي امتدت الى اراض في احدى الدول
الخليجية؛ حيث إن مبالغ الاحتيال على تلك الضحية تقدر بنحو 12 مليون دينار،
لاسيما وأن الضحية كان رجلا طاعنا في السن تم العمل على فصله عن عائلته
وتحويله من رجل أعمال مرموق الى شخص يعاني من ثقل المديونية.
"الغد" اطلعت من ابنة الضحية المتوفى على مذكراته التي يسرد فيها ما حدث به.
ومن بين الأساليب التي استخدمت معه في البداية شراء جرافة للبحث عن الذهب،
وكان يمول تلك العمليات، حتى افضت الى خسارة النقد الذي بحوزته ما جعل
عائلته تسحب منه ما تبقى بحوزته من نقد، والاكتفاء بمنحه مبالغ بسيطة،
ليتطور تصرف تلك العصابة الى الطلب منه الاقتراض من البنوك لكونه رجلا
معروفا، وكان قادرا على الحصول على القروض بمجرد الاتصال بالهاتف نتيجة
قناعة البنوك بما يملكه وملاءته المالية، ونظير رهونات على أراضيه التي
تقدر بملايين الدنانير الواحدة تلوة الاخرى.
كما اطلعت "الغد" على أوراق مكتوبة بخط اليد من الضحية المتوفى يبث فيها
سوء حاله، ويستعرض من خلالها جملة من المشاريع التي كانت العصابة تعرضها
عليه بغرض الاستثمار وكيفية التحايل عليه، وعلى الأغلب أن تلك الأوراق كتبت
بعد أن فرغت تلك العصابة من الاحتيال عليه واصبح مديونا".
ويقول الضحية في إحدى كتاباته لابنه "... لا تتدخل في أي أمور مالية أو
عقارية واترك هذه المسائل لاختك (...) لكونها حذرة أكثر مني ومنك في
التعامل مع الآخرين وتعرف الناس والاشخاص والحقيقة أنني لو أخذت نصائحها
بفراستها في الناس، لما وصلت الى الوضع الذي نعاني منه أنا وأنت والجميع".
ويقول في إحدى أوراقه حول العصابة "أساليبهم شيطانية يعجز ابليس ان تخطر على باله عمل مثلها أو أقل بكثير منها".
والضحية المتوفى هو شخص متعلم ودرس في الجامعة الاميركية في بيروت ومنظم،
بحسب الوثائق التي اطلعت عليها "الغد"، لكنه يقر في كل أوراقه التي خلفها
من ورائه بأنه ضحية وخلّف المشاكل من بعده، وتصارع عائلته حاليا في ديون
وأوراق لا تعلم مدى دقتها، كما تقول ابنته.
أحدث الضحايا
المعلومات تفيد بأن العصابة ما تزال تقوم بعمليات الاحتيال وتطارد الضحايا
في المحاكم، متسلحة بما تملكه من أوراق عبر الحيل التي استخدمتها، حيث
تعرض ضحيتان لعمليات احتيال بالطرق السابقة بادعاء وجود مستثمر خليجي له
وكيل أعمال في الاردن، إذ قاموا بايهامهما بوجود أراض يرغب المستثمر
بشرائها، علما بأن الاراضي تعود ملكيتها للرأس المدبر، ويقومون في الخطوة
التالية بجعل الضحايا يتملكون الاراضي المعروضة عليهم بأضعاف ثمنها على
أساس إعادة بيعها لذلك المستثمر المزعوم، وتنشأ فيما بعد الخلافات ليكتشف
الضحية بأنه قد تم الاحتيال عليه.
وقدرت قيمة الاحتيال لآخر ضحيتين بنحو 800 ألف دينار، المعلومات التي حصلت
عليها "الغد" تؤكد أن العصابة تملك قائمة بأسماء اشخاص سيقع عليهم
الاحتيال خلال الفترة المقبلة مستندين أي العصابة الى معلومات دقيقة حول
ملكيات الضحايا القادمين.
ويرى قانونيون من وكلاء الضحايا أن القضية تحتاج الى تحويل ملف القضية
المتعلق بتلك العصابة برمته إلى محكمة أمن الدولة، لكونها جرائم اقتصادية
حيث يتوفر فيها اتفاق جنائي.