بيروت 10 يوليو تموز (رويترز)- انطلق اللقاء التشاوري للحوار الوطني في
سوريا اليوم الاحد بعد نحو اربعة شهور من الاحتجاجات ضد حكم الرئيس بشار
الاسد المستمر منذ 11 عاما
وسط مقاطعة ابرز وجوه المعارضة في البلاد.
ويناقش اللقاء التشاوري المنعقد على مدى يومين القضايا المدرجة على جدول
أعماله وهي دور الحوار الوطني في المعالجة السياسية والاقتصادية
والاجتماعية للأزمة الراهنة والآفاق المستقبلية وتعديل بعض مواد الدستور
بما في ذلك المادة الثامنة لعرضها على أول جلسة لمجلس الشعب وعدم استبعاد
وضع دستور جديد للبلاد إضافة إلى مناقشة مشاريع قانون الأحزاب وقانون
الانتخابات وقانون الإعلام.
وقال نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في افتتاح اللقاء في دمشق امام اكثر
من 200 شخصية من اعضاء البرلمان المستقلين ومثقفين وفنانين إنه لا بديل عن
الحوار "لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة."
وقال الشرع إن "الحوار الوطني يجب ان يتواصل سياسيا وعلى كافة المستويات
ومختلف الشرائح لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في تاريخ سوريا."
وغاب عن جلسات اللقاء التشاوري شخصيات وجماعات بارزة في المعارضة الذين
رفضوا دعوة الرئيس الاسد للحوار وقالوا انهم لن يشاركوا في محادثات قبل وضع
حد للحملة العسكرية واطلاق سراح آلاف السجناء السياسيين.
وقال الشرع "إن مجتمعنا لن يستطيع بغير النظام السياسي التعددي الديمقراطي
الذي سينبثق عن هذا الحوار ان يصل الى الحرية والسلم الاهلي اللذين يرغب
بهما كل مواطن في ارجائه كافة."
وقال الشرع "الحوار لا بديل عنه في الوضع الراهن غير النزيف الدموي
والاقتصادي والتدمير الذاتي اما فكرة اللاحوار فلا افق سياسيا لها ولا اظن
ان هذه الفكرة ستكون مطلبا شعبيا في أي ظرف كان فكيف بظروف بلدنا ومنطقتنا
في هذه الايام."
ويقول ناشطون سوريون إن قوات الامن قتلت أكثر من 1300 مدني اثناء
الاحتجاجات. وتقول السلطات السورية إن 500 من جنود الجيش وقوات الامن قتلوا
على أيدى عصابات مسلحة تلقي عليها ايضا بالمسؤولية عن معظم الوفيات بين
المدنيين.
وعرضت المناقشات على التلفزيون السوري مباشرة حيث ترددت اصوات ومطالبات لم تكن لتظهر في السابق على الاعلام السوري.
ورغم غياب شخصيات بارزة في المعارضة فان العديد من المشاركين في الجلسات
الصباحية من اللقاء دعوا الى التغيير ووضع حد للقمع وتعديل المادة الثامنة
من الدستور التي تتعلق بهيمنة حزب البعث العربي الاشتراكي على الحياة
السياسية والاجتماعية في البلد.
وقال محمد حبش العضو المستقل في البرلمان "إن المخرج من وجهة نظري يتمثل
في العمل على انهاء الدولة الامنية... او بتحريم الرصاص والعمل من اجل دولة
مدنية ديمقراطية متحضرة فيها تعددية حزبية وسياسية وحريات اعلامية وانهاء
تحكم الحزب الواحد والسماح بقيام حياة سياسية مدنية حرة."
وطالب حبش الرئيس الاسد "باقتراح تعديل فوري للدستور يرسل الى مجلس الشعب
لعرضه على اول اجتماع له ويتضمن بصراحة تعديل المادة الثامنة من الدستور
والمادة الرابعة والثمانين بحيث ينتهي حكم الحزب الواحد ويفتح باب الترشح
لرئاسة الجمهورية وفق شروط مناسبة تضمن حق الشرفاء الوطنيين."
كما طالب بالافراج الفوري عن السجناء السياسيين وعدم مواجهة المظاهرات بالرصاص.
وكان الرئيس الاسد اتخذ بعض الخطوات استجابة لمطالب المحتجين منها رفع 48
عاما من حالة الطوارىء الذي استخدم لتبرير الاعتقال التعسفي والاحتجاز وحظر
المعارضة والدعوة لحوار وطني واصدار عفو عام يشمل اعضاء في كل الحركات
السياسية بما فيها جماعة الاخوان المسلمين المحظورة ومنح الجنسية لنحو 150
الفا من المواطنين الاكراد في شرق البلاد.
وشرح الناشط الكردي عمر اوسي ما تعرض له الاكراد من تهميش واقصاء وقمع منذ
خمسين عاما وطالب بتمثيل الاكراد سياسيا في الحكومة والبرلمان ومختلف
المؤسسات وتساءل "هل ستخرب الدنيا اذا كان هناك وزيران اكراد في الحكومة
القادمة او عشرة نواب او 15 نائبا من اصل 250 نائبا."
اضاف "نحن نريد ممثلين حقيقيين للشريحة الكردية السورية في مؤسسات الدولة
فنحن كرد سوريا لن نرضى بهذا الظلم والتهميش والاقصاء بعد اليوم فبقدر
اعتزازنا بكرديتنا نفتخر بسوريتنا فنحن سوريون اولا."
واجمع المتحدثون على ادانة ورفض كل اشكال الاستعانة بالخارج وكل اشكال العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة واوروبا ضد سوريا.
اما الناشط المسيحي الاب الياس زحلاوي فقال إن "ما جرى ويجري جاء نتيجة
حتمية وطبيعية لنهج سياسي عام وضع البلد وفق دستور في يد الحزب الواحد...
فترتب على ذلك من جهة اولى ادعاء مفرط بقدرات هذا الحزب ومن جهة ثانية
استبعاد لقدرات لا حصر لها لدى من استبعدوا."
واضاف "لا اقول جديدا ان ذكرت بما نجم عن ذلك فيما نجم من مصادرة واسعة
للحريات فكرا وقولا وابداعا ومن عزلة واسعة ايضا لادمغة البلد وفنييها
ويدها العاملة ومن انتشار لروح الخوف والانتهازية ومن انزلاق الكثيرين ممن
حملوا سلطة ما في متاهة ما بتنا نسميه اليوم علنا الفساد الذي يشكل للاسف
ان لم يعالج جذريا وسريعا اشرس اعداء سوريا اليوم قبل الغد."