الجزيرة: إبراهيم القديمي-صنعاء: أعربت أوساط مصرفية في اليمن عن
قلقها البالغ مما سمتها "مرحلة المخاض العسيرة" التي تواجهها البنوك
التجارية منذ اندلاع الاحتجاجات في فبراير/شباط الماضي. وتوقعت هذه الأوساط
إفلاس بنوك تعتمدعلى أسس هشة وغير متينة في إدارة المخاطر. ويتأهب عدد من
البنوك التجارية للإغلاق بسبب السحوبات النقدية الكبيرة التي تواجهها، وهو
ما قد يتسبب في عجزها عن القيام بأنشطتها التجارية والاستثمارية في القريب
العاجل. ويلفت أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء حسن ثابت فرحان النظر إلى أن
القطاع المصرفي يواجه حاليا أزمة سيولة شديدة في العملات الأجنبية والعملة
المحلية فيما يتعلق بتدفق الودائع. وأوضح فرحان لـ"الجزيرة نت" أن إجمالي
الودائع التي قام العملاء بسحبها من مختلف البنوك بلغت 180 مليار ريال
(818 مليون دولار) في الأشهر الخمسة الماضية نتيجة المخاوف من الوضع
الراهن. ندرة السيولة ويقول أستاذ الاقتصاد إنه تم سحب نحو 30 مليار ريال
من المصارف هي عبارة عن أرباح متوقعة على تلك الودائع، كما تسببت ندرة
السيولة في شلل لقطاع التجارة والاستثمار نتيجة توقف أكثر من 800 مصنع
يعتمد في إنتاجها على مصادر الطاقة الكهربائية والمشتقات النفطية والغاز،
وهو ما ساعد على تراجع توريد العملة المحلية لهذه المصانع للبنوك، حسب
فرحان.
وفي معرض توصيف أزمة القطاع المصرفي، يرى رئيس تحرير صحيفة
الاقتصادية جمال الحضرمي أن حجم المديونية المتراكمة الملقاة على كاهل
البنوك يعد التحدي الأكبر بسبب تراكم فوائدها، وبالتالي انخفاض الاحتياطيات
النقدية في البنك المركزي. وقال الحضرمي للجزيرة نت إن تحصيل الموارد
النقدية للدولة وعائداتها الضريبية والخدماتية تدنى بنسبة 50% عما كانت
عليه قبل الاحتجاجات، وهو ما أدى إلى شح في السيولة بشكل عام. تجنب
الانهيار وتحدثت تقارير صحفية في صنعاء عن تدابير احترازية أقدمت عليها
البنوك لتجنب السقوط الكبير، منها تسريح عدد من العمالة الفائضة لديها،
ومنح آخرين إجازات مفتوحة دون راتب مع تقليص ساعات الدوام الرسمي إلى
النصف". وتوقع المختص في الأسواق المالية منير العريقي أن يؤدي استمرار
الأزمة السياسية الراهنة إلى انهيار بعض البنوك اليمنية، خاصة تلك التي
تفتقد إلى أسس قوية في إدارة المخاطر وكذا انعدام الشفافية للإفصاح عن
خسائرها الحقيقية.
وإدراكا منها لضرورة التصدي للأزمة التي تواجهها،
أقدمت غالبية البنوك على إغلاق بعض الفروع ترشيدا للنفقات وتجنبا لأكبر
قدر ممكن من الخسائر المتوقعة بنهاية العام الجاري. قطاع متواضع وأشار
المختص المصرفي ياسر عبد الكريم إلى أن الجهاز المصرفي اليمني متواضع، وليس
لديه أي استثمارات في البنوك العالمية أو صناديق الاستثمار أو قطاعات
عقارية، وهو ما يعتقد أنه سبب لتأثر البنوك بالأوضاع والتقلبات الاقتصادية
والسياسية المحلية. للإشارة فإن القطاع المصرفي باليمن يضم 15 مصرفا تجاريا
وأربعة مصارف إسلامية، وحسب نشرة البنك المركزي اليمني لشهر أبريل/نيسان
الماضي فإن إجمالي الميزانية الموحدة لكل البنوك انخفضت في آخر أبريل/نيسان
الماضي بـ2.5%، وتقلصت احتياطيات البنوك بـ6.2% لتبلغ 202.1 مليار ريال
(945 مليون دولار).
جميع الحقوق محفوظة Business.Maktoob.com.