عيد ميلاد سمو الأمير الحسن
خبرني - يصادف الثلاثاء العيد الخامس والستين
لميلاد سمو الأمير الحسن بن طلال .
وكان العام الماضي حافلا لسمّوه، إن على
الصعيد الشخصي والعائلي، كحال العديد من الأردنيين، أو على المستوى الوطني والقومي
والإنساني، خصوصا فيما يتعلق بالتطورات السياسية والإقليمية، وعلى رأسها الربيع العربي
التي قلبت المفاهيم وغيّرت الأوضاع في العديد من الدول العربية وفي المنطقة ككل.
ففي 22 تموز 2011 عقد قران ابنه الوحيد
سمو الأمير راشد بن الحسن على سمو الأميرة زينة راشد في احتفال حمل البهجة والسرور
إلى قلب والديه الأمير الحسن والأميرة ثروت الحسن وسائر الأسرة الهاشمية.
كما أكد سموّه، في مقال كتبه بمناسبة إحتفالات
الأردن بعيد ميلاد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في عيد ميلاده الخمسين يوم 30
كانون الثاني، أن الرسالة الهاشمية لم تكن يوما منغلقة أو متزمتة، بل حافظت القيادة
والشعب على الدوام على انفتاحها وتقدّمها، بوقوف الأردنيين جميعاً صفاً واحداً متراصاً
لإعلاء البنيانِ ومراكمة الإنجاز من خلال تعزيز الديمقراطية والدعوة السبّاقة إلى ميثاق
عربي اجتماعي يؤطـر في عقد جديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
فعلى المستوى الوطني لعب سمّوه دورا رئيسا،
من خلال قنوات منتدى الفكر العربي في تقديم الآراء والافكار للجنة الملكية لتعديل الدستور،
والتي أوصت بتعديل اثنتين وأربعين مادة من موادِ الدستور ناقشها مجلس الأمة وأقرّها
ثم صادق عليها جلالته بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الستين لولادة الدستور الأردني
الحديث، والذي شكّل طوال العقود الماضية قاعدة صلبة للبناءِ والنهوضِ بالوطن، بما يتضمنه
من آليات تطوير حياة سياسية سِلمية وسليمة وديمقراطية لا تطغى فيها سلطة على أخرى وتحافظ
على مبدأ فصلِ السلطات وتوازنها.
وفي هذا الإطار، دعم الأمير الحسن جهود
جلالته الحثيثة وساهم من خلال إشرافه المباشر على عمل المؤسسات التي يترأسها في تعميق
التنمية المستدامة في الأردن وسعي جلالته الى تقليص الهوة بين العاصمة والمحافظات وتشجيع
المبادرات الهادفة إلى خلق فرص تنمية وعمل في المناطق خارج العاصمة.
كما اثنى على النهج الذي يقوده جلالته لاستبدالِ
الريعية بالإنتاجية، من خلالِ زيادة إنتاجية الدولة واجتثاث آفة الفساد عبر بناء منظومة
نزاهة وطنية شاملة على درب تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، والتأسيس لثقافة توازن
بين الحقوق والواجبات، حيث يكمن المعنى الحقيقي للمواطنة في الأردن، الذي يؤمن أبناؤه
بأن حريةَ الفرد فيه تنتهي عندما تبدأ حقوق الآخرين.
ودعا سموّه إلى أن يكون للتعليم والتربية
والتوعية دور محوري في بناء أسس المواطنة الحقّة وتشييد أركان المجتمع الحديث، مما
يتطلب الاستثمار في رأس المال الإنساني وبناء عقلية منفتحة تحترم الرأي الآخر وتتواصل
في ذات الوقت مع الجامعات والمؤسسات العلمية والجهات الداعمة للبحث والعلم.
كما يؤكد بإستمرار ضرورة تفعيل العلاقة
التشاركية بين القطاع الخاص ومؤسسات التعليم، خصوصاً في مجال التكنولوجيا، بهدف تحقيق
المواءمة والتوافق بين احتياجات الطرفين.
ويؤمن سموّه أن ضعف الجامعات وتكلس العملية
التربوية في عالمنا العربي يساهم في تفاقم العنف المجتمعي، حيث إن التعليم عندنا يقتصر
على الحفظ والتلقين ولا يركز على التوعية في التعامل مع القضايا اليومية التي يعيشها
الأطفال والشباب.
ومن خلال رئاسته لمجلس أمناء المنتدى الفكر
العربي قاد سموّه على مدار العام الماضي جلسات حوارية ناقشت الواقع العربي ومستقبل
المنطقة في ضوء الحالة العربية الراهنة.
وغطت نشاطات سمّوه الدولية والمحلية على
مدار السنة مدى واسع في مجالات اهتماماته الفكرية والثقافية والتكنولوجية المختلفة،
بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، ولمجلسي أمناء الجمعية العلمية الملكية
والمعهد الملكي للدراسات الدينية، ولمنتدى غرب آسيا وشمال إفريقيا "وانا"
الذي يعمل على تسهيل تلاقي شعوب المنطقة وتطوير حلول إقليمية للتحديات التي تواجها
مثل هذه العلوم، ومنها الإجتماعي وقضايا إعادة البناء والإعمار.
"وانا"، التي عقدت إجتماعها السنوي
الثالث في أيار الماضي، تعكف الآن على اطلاق مبادرة "حمى" العالمية التي
تستلهم النظام التقليدي لإدارة الموارد في المنطقة المطبق على مدار 1500 عام. وفي أيار
المقبل سيخصص المنتدى الرابع للمنظمة للبحث في محور "الهوية" متعدد الأبعاد،
وذلك بالنظر إلى هوية المنطقة والهويات الأخرى التي تنضوي في إطارها وتتطور باستمرار.
وبصفته الراعي المؤسس لأكاديمية العالم
الإسلامي للعلوم، أكدّ الأمير الحسن باستمرار على الدور الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا
الحديثة كما الإبتكار، ليس فقط في النهوض بالمجتمع الأردني، بل في تقدم المجتمعات العربية
والإسلامية بما يفيد البشرية جمعاء، وذلك من خلال رعايته في الدوحة في تشرين الثاني
الماضي أعمال المؤتمر الثامن عشر للأكاديمية – التي تتخذ من الأردن مقرا لها – بمشاركة
نحو 150
شخصية إسلامية في أكثر من 45 دولة.
وفي الوقت الذي ساهم سمّوه في حملِ وإيصال
الرسالة الإسلامية السمحة والمنفتحة، أشاد بجهود جلالة الملك في إطلاق"رسالة عمَّان"،
المعبرة عن جوهر الإسلام الحقيقي الذي ينبذ التطرف والإرهاب في الوقت الذي يمر فيه
هذا الدين الحنيف بأزمة حرجة في معظم بقاع العالم نتيجةَ شذوذ أقلية عن تعاليمه وروحه
السمحة.
ويؤكد كعادته أهمية الحوار بين أتباع المذاهب
المختلفة في الدين الواحد، وبين أتباع الديانات المختلفة، لا بل وبين جميع أبناءِ البشرية
الذين يلتقون على قيم واحدة واحترام الآخر من أجل العيش المشترك. هذا الحوار يتطلـب
إعادة إحياء مجالس الأدب وإعادة الاعتبار لقيم الحوار الحضاري والمتمدن.
إلى ذلك تمّ خلال العام الماضي تسليم رسالة
من الأمير الحسن الى شيخ الجامع الأزهر دعاه فيها الى مناقشة فكرة إنشاء مؤسسة عالمية
للزكاة والتكافل وتفعيل دور الأوقاف في مواجهة الفقر والبطالة والأفكار التي تؤدي إلى
قيام مؤسسسات تنموية وصيغ مالية استثمارية، مثل فكرة صندوق الحج ومؤسسة لتنمية أموال
الأيتام التي تمّت إقامتها في الأردن قبل خمسة وثلاثين عاما.
كما لم يغفل سموّه دور الفكر في بلورة التطلعات
العربية والتجاوب مع رغبات شعوبنا في ترسيخ أسس الإصلاح والتغيير في مناحي الحياة كافة.
وأكدّ دائما ضرورة إطلاق طاقات الشباب العربي وتأكيد مشاركته في صنع المستقبل.
ففي رسالة التهنئة التي بعثها الى الدكتور
نبيل العربي في حزيران بعيد انتخابه أمينا عاما للجامعة العربية، أكد سموّه على ضرورة
التركيز على التقريب بين الفكر من جهة وصاحب القرار والمواطن من جهة أخرى ليسهم ذلك
في تبني المرتكزات الأساسية للديمقراطية الكفيلة ببناء المجتمع المدني الحقيقي على
أسس العدالة والمساواة، واكتشاف القدرات الشابة القادرة على المساهمة في صنع القرار.
ولم يتوان سموّه عن بذل الجهود نحو الحدّ
من ظاهرة العنف المجتمعي في الأردن، داعيا إلى إعادة النظر في أدوات وأسلوب معالجة
هذه الظاهرة من خلال محاور تنشر مفاهيم المواطنة والانتماء والهوية الوطنية، فضلا عن
تجسير الهوة بين الشباب في المناطق التنموية كافة، وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان والتعددية
الثقافية لدى الشباب في جميع المراحل التعليمية.
وتوالت المناسبات التي دعا فيها الأمير
الحسن إلى مواجهة ظاهرة هجرة العقول وغيرها من الظواهر السلبية في المنطقة، من خلال
إقامة مشروع إصلاحي عربي يضع بعين الاعتبار الأولويات العربية، ويحاول معالجة قضايا
المجتثين والمقتلعين من لاجئي الحروب والكوارث الطبيعية وغيرها.
وقال الأمير في أكثر من مناسبة إن العالم
العربي يمر بأزمات خانقة مردها المال والجشع والسلطة والاستكبار والسيطرة؛ حيث تتكاثف
عليه تحديات مرحلة الانتقال من حال إلى حال داخليا، وتحديات العصر بأشكالها السياسية
والاقتصادية والأمنية.
ولمواجهة هذه التحديات، جددّ سموه الدعوة
إلى إنشاء صندوق للتضامن الاجتماعي يدعم الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للفئات الهشة
وصولاً إلى مشاركة جميع فئات المجتمع في التخطيط للمستقبل.
ولم يبخل سموّه في العام الماضي، كما لم
يتوان ابدا على مدار العقود الماضية، عن تقديم كل ما يملك لخدمة القضية الفلسطينية،
بما في ذلك توجيه رسائل واضحة ومباشرة لأصحاب القرار ودوائر التأثير في إسرائيل يحذرهم
فيها من عواقب الإستمرار في الحملات التي يشنونها لتغيير معالمِ المدينة المقدسة وتهجير
سكانها واستبدالِ هويتها وانتهاك حرمة المقدسات الإسلامية. كما أهاب بالقادة العرب
والمحافل الدولية بمضاعفة الجهود وتكثيف العمل لمواجهة هذه الأخطار.
الأمير الحسن يأمل ويتطلع دائما الى السعي
والتواصل من أجل أخذ البعد الإنساني في الحسبان لدى وضع السياسات داعياً إلى العمل
من أجل تعزيز مستقبل العلاقات والحوارات بين المنطقة العربية وسائر مناطق العالم مركزا
على احترام الحريات المدنية وقدسية الحياة البشرية وحماية البيئة الطبيعية والإنسانية
ضمن الأهداف والمشاريع التنموية المختلفة، إلى جانب العمل على تفعيل القواسم المشتركة
بين الثقافات العالمية في إطار حضارة إنسانية واحدة.
ومن خلال جولاته في الدول الشقيقة والاوروبية
ونشاطاته الفكرية والإعلامية المكثفة، ما انفك الأمير الحسن يؤكد على إقامة علاقات
سليمة ومتينة مع جميع دولِ ومنظمات الوطن العربي والعالم أجمع. وأثبت الأردن بالفعل
لا بالقول إنه قادر على خلقِ التوازن المطلوب في علاقاته مع الجميع، مطالبا في الوقت
ذاته بتوخي الحذر لدى الدعوة لإقامة علاقات على مستوى الإقليم بحيث لا يؤدي ذلك للإنزلاق
إلى العلاقات المفتتة والمجزأة. فالتنسيق والتعاضد، في نظر الأمير، يمكنّاننا من تحقيق
مصالحنا ومصالح غيرنا، بينما العلاقات التي تعقَد على مستويات مجتزأة لا تفي بالغرض
وتفضي إلى تفتيت الأمة الواحدة.
خبرني - يصادف الثلاثاء العيد الخامس والستين
لميلاد سمو الأمير الحسن بن طلال .
وكان العام الماضي حافلا لسمّوه، إن على
الصعيد الشخصي والعائلي، كحال العديد من الأردنيين، أو على المستوى الوطني والقومي
والإنساني، خصوصا فيما يتعلق بالتطورات السياسية والإقليمية، وعلى رأسها الربيع العربي
التي قلبت المفاهيم وغيّرت الأوضاع في العديد من الدول العربية وفي المنطقة ككل.
ففي 22 تموز 2011 عقد قران ابنه الوحيد
سمو الأمير راشد بن الحسن على سمو الأميرة زينة راشد في احتفال حمل البهجة والسرور
إلى قلب والديه الأمير الحسن والأميرة ثروت الحسن وسائر الأسرة الهاشمية.
كما أكد سموّه، في مقال كتبه بمناسبة إحتفالات
الأردن بعيد ميلاد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في عيد ميلاده الخمسين يوم 30
كانون الثاني، أن الرسالة الهاشمية لم تكن يوما منغلقة أو متزمتة، بل حافظت القيادة
والشعب على الدوام على انفتاحها وتقدّمها، بوقوف الأردنيين جميعاً صفاً واحداً متراصاً
لإعلاء البنيانِ ومراكمة الإنجاز من خلال تعزيز الديمقراطية والدعوة السبّاقة إلى ميثاق
عربي اجتماعي يؤطـر في عقد جديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
فعلى المستوى الوطني لعب سمّوه دورا رئيسا،
من خلال قنوات منتدى الفكر العربي في تقديم الآراء والافكار للجنة الملكية لتعديل الدستور،
والتي أوصت بتعديل اثنتين وأربعين مادة من موادِ الدستور ناقشها مجلس الأمة وأقرّها
ثم صادق عليها جلالته بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الستين لولادة الدستور الأردني
الحديث، والذي شكّل طوال العقود الماضية قاعدة صلبة للبناءِ والنهوضِ بالوطن، بما يتضمنه
من آليات تطوير حياة سياسية سِلمية وسليمة وديمقراطية لا تطغى فيها سلطة على أخرى وتحافظ
على مبدأ فصلِ السلطات وتوازنها.
وفي هذا الإطار، دعم الأمير الحسن جهود
جلالته الحثيثة وساهم من خلال إشرافه المباشر على عمل المؤسسات التي يترأسها في تعميق
التنمية المستدامة في الأردن وسعي جلالته الى تقليص الهوة بين العاصمة والمحافظات وتشجيع
المبادرات الهادفة إلى خلق فرص تنمية وعمل في المناطق خارج العاصمة.
كما اثنى على النهج الذي يقوده جلالته لاستبدالِ
الريعية بالإنتاجية، من خلالِ زيادة إنتاجية الدولة واجتثاث آفة الفساد عبر بناء منظومة
نزاهة وطنية شاملة على درب تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، والتأسيس لثقافة توازن
بين الحقوق والواجبات، حيث يكمن المعنى الحقيقي للمواطنة في الأردن، الذي يؤمن أبناؤه
بأن حريةَ الفرد فيه تنتهي عندما تبدأ حقوق الآخرين.
ودعا سموّه إلى أن يكون للتعليم والتربية
والتوعية دور محوري في بناء أسس المواطنة الحقّة وتشييد أركان المجتمع الحديث، مما
يتطلب الاستثمار في رأس المال الإنساني وبناء عقلية منفتحة تحترم الرأي الآخر وتتواصل
في ذات الوقت مع الجامعات والمؤسسات العلمية والجهات الداعمة للبحث والعلم.
كما يؤكد بإستمرار ضرورة تفعيل العلاقة
التشاركية بين القطاع الخاص ومؤسسات التعليم، خصوصاً في مجال التكنولوجيا، بهدف تحقيق
المواءمة والتوافق بين احتياجات الطرفين.
ويؤمن سموّه أن ضعف الجامعات وتكلس العملية
التربوية في عالمنا العربي يساهم في تفاقم العنف المجتمعي، حيث إن التعليم عندنا يقتصر
على الحفظ والتلقين ولا يركز على التوعية في التعامل مع القضايا اليومية التي يعيشها
الأطفال والشباب.
ومن خلال رئاسته لمجلس أمناء المنتدى الفكر
العربي قاد سموّه على مدار العام الماضي جلسات حوارية ناقشت الواقع العربي ومستقبل
المنطقة في ضوء الحالة العربية الراهنة.
وغطت نشاطات سمّوه الدولية والمحلية على
مدار السنة مدى واسع في مجالات اهتماماته الفكرية والثقافية والتكنولوجية المختلفة،
بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، ولمجلسي أمناء الجمعية العلمية الملكية
والمعهد الملكي للدراسات الدينية، ولمنتدى غرب آسيا وشمال إفريقيا "وانا"
الذي يعمل على تسهيل تلاقي شعوب المنطقة وتطوير حلول إقليمية للتحديات التي تواجها
مثل هذه العلوم، ومنها الإجتماعي وقضايا إعادة البناء والإعمار.
"وانا"، التي عقدت إجتماعها السنوي
الثالث في أيار الماضي، تعكف الآن على اطلاق مبادرة "حمى" العالمية التي
تستلهم النظام التقليدي لإدارة الموارد في المنطقة المطبق على مدار 1500 عام. وفي أيار
المقبل سيخصص المنتدى الرابع للمنظمة للبحث في محور "الهوية" متعدد الأبعاد،
وذلك بالنظر إلى هوية المنطقة والهويات الأخرى التي تنضوي في إطارها وتتطور باستمرار.
وبصفته الراعي المؤسس لأكاديمية العالم
الإسلامي للعلوم، أكدّ الأمير الحسن باستمرار على الدور الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا
الحديثة كما الإبتكار، ليس فقط في النهوض بالمجتمع الأردني، بل في تقدم المجتمعات العربية
والإسلامية بما يفيد البشرية جمعاء، وذلك من خلال رعايته في الدوحة في تشرين الثاني
الماضي أعمال المؤتمر الثامن عشر للأكاديمية – التي تتخذ من الأردن مقرا لها – بمشاركة
نحو 150
شخصية إسلامية في أكثر من 45 دولة.
وفي الوقت الذي ساهم سمّوه في حملِ وإيصال
الرسالة الإسلامية السمحة والمنفتحة، أشاد بجهود جلالة الملك في إطلاق"رسالة عمَّان"،
المعبرة عن جوهر الإسلام الحقيقي الذي ينبذ التطرف والإرهاب في الوقت الذي يمر فيه
هذا الدين الحنيف بأزمة حرجة في معظم بقاع العالم نتيجةَ شذوذ أقلية عن تعاليمه وروحه
السمحة.
ويؤكد كعادته أهمية الحوار بين أتباع المذاهب
المختلفة في الدين الواحد، وبين أتباع الديانات المختلفة، لا بل وبين جميع أبناءِ البشرية
الذين يلتقون على قيم واحدة واحترام الآخر من أجل العيش المشترك. هذا الحوار يتطلـب
إعادة إحياء مجالس الأدب وإعادة الاعتبار لقيم الحوار الحضاري والمتمدن.
إلى ذلك تمّ خلال العام الماضي تسليم رسالة
من الأمير الحسن الى شيخ الجامع الأزهر دعاه فيها الى مناقشة فكرة إنشاء مؤسسة عالمية
للزكاة والتكافل وتفعيل دور الأوقاف في مواجهة الفقر والبطالة والأفكار التي تؤدي إلى
قيام مؤسسسات تنموية وصيغ مالية استثمارية، مثل فكرة صندوق الحج ومؤسسة لتنمية أموال
الأيتام التي تمّت إقامتها في الأردن قبل خمسة وثلاثين عاما.
كما لم يغفل سموّه دور الفكر في بلورة التطلعات
العربية والتجاوب مع رغبات شعوبنا في ترسيخ أسس الإصلاح والتغيير في مناحي الحياة كافة.
وأكدّ دائما ضرورة إطلاق طاقات الشباب العربي وتأكيد مشاركته في صنع المستقبل.
ففي رسالة التهنئة التي بعثها الى الدكتور
نبيل العربي في حزيران بعيد انتخابه أمينا عاما للجامعة العربية، أكد سموّه على ضرورة
التركيز على التقريب بين الفكر من جهة وصاحب القرار والمواطن من جهة أخرى ليسهم ذلك
في تبني المرتكزات الأساسية للديمقراطية الكفيلة ببناء المجتمع المدني الحقيقي على
أسس العدالة والمساواة، واكتشاف القدرات الشابة القادرة على المساهمة في صنع القرار.
ولم يتوان سموّه عن بذل الجهود نحو الحدّ
من ظاهرة العنف المجتمعي في الأردن، داعيا إلى إعادة النظر في أدوات وأسلوب معالجة
هذه الظاهرة من خلال محاور تنشر مفاهيم المواطنة والانتماء والهوية الوطنية، فضلا عن
تجسير الهوة بين الشباب في المناطق التنموية كافة، وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان والتعددية
الثقافية لدى الشباب في جميع المراحل التعليمية.
وتوالت المناسبات التي دعا فيها الأمير
الحسن إلى مواجهة ظاهرة هجرة العقول وغيرها من الظواهر السلبية في المنطقة، من خلال
إقامة مشروع إصلاحي عربي يضع بعين الاعتبار الأولويات العربية، ويحاول معالجة قضايا
المجتثين والمقتلعين من لاجئي الحروب والكوارث الطبيعية وغيرها.
وقال الأمير في أكثر من مناسبة إن العالم
العربي يمر بأزمات خانقة مردها المال والجشع والسلطة والاستكبار والسيطرة؛ حيث تتكاثف
عليه تحديات مرحلة الانتقال من حال إلى حال داخليا، وتحديات العصر بأشكالها السياسية
والاقتصادية والأمنية.
ولمواجهة هذه التحديات، جددّ سموه الدعوة
إلى إنشاء صندوق للتضامن الاجتماعي يدعم الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للفئات الهشة
وصولاً إلى مشاركة جميع فئات المجتمع في التخطيط للمستقبل.
ولم يبخل سموّه في العام الماضي، كما لم
يتوان ابدا على مدار العقود الماضية، عن تقديم كل ما يملك لخدمة القضية الفلسطينية،
بما في ذلك توجيه رسائل واضحة ومباشرة لأصحاب القرار ودوائر التأثير في إسرائيل يحذرهم
فيها من عواقب الإستمرار في الحملات التي يشنونها لتغيير معالمِ المدينة المقدسة وتهجير
سكانها واستبدالِ هويتها وانتهاك حرمة المقدسات الإسلامية. كما أهاب بالقادة العرب
والمحافل الدولية بمضاعفة الجهود وتكثيف العمل لمواجهة هذه الأخطار.
الأمير الحسن يأمل ويتطلع دائما الى السعي
والتواصل من أجل أخذ البعد الإنساني في الحسبان لدى وضع السياسات داعياً إلى العمل
من أجل تعزيز مستقبل العلاقات والحوارات بين المنطقة العربية وسائر مناطق العالم مركزا
على احترام الحريات المدنية وقدسية الحياة البشرية وحماية البيئة الطبيعية والإنسانية
ضمن الأهداف والمشاريع التنموية المختلفة، إلى جانب العمل على تفعيل القواسم المشتركة
بين الثقافات العالمية في إطار حضارة إنسانية واحدة.
ومن خلال جولاته في الدول الشقيقة والاوروبية
ونشاطاته الفكرية والإعلامية المكثفة، ما انفك الأمير الحسن يؤكد على إقامة علاقات
سليمة ومتينة مع جميع دولِ ومنظمات الوطن العربي والعالم أجمع. وأثبت الأردن بالفعل
لا بالقول إنه قادر على خلقِ التوازن المطلوب في علاقاته مع الجميع، مطالبا في الوقت
ذاته بتوخي الحذر لدى الدعوة لإقامة علاقات على مستوى الإقليم بحيث لا يؤدي ذلك للإنزلاق
إلى العلاقات المفتتة والمجزأة. فالتنسيق والتعاضد، في نظر الأمير، يمكنّاننا من تحقيق
مصالحنا ومصالح غيرنا، بينما العلاقات التي تعقَد على مستويات مجتزأة لا تفي بالغرض
وتفضي إلى تفتيت الأمة الواحدة.